الأرض بالتدريج واتحد ما يكتنفها من أوكسجين وأيدروجين فتكون منهما الماء العذب، ثم اكتسب الماء ملوحته من إذابته لبعض أملاح الأرض وبعض أحماض أنزلها معه من الجو. واستمرت الأرض تبرد وتكونت القشرة الأرضية في النهاية ويبلغ سمكها في الوقت الحالي ٨٠ إلى ١٠٠ كيلو متر، وقد كانت في أول أمرها متشابهة السُمك، وكان المحيط المائي موزعاً حولها بتساو، ولكن برود القشرة الأرضية أدى إلى تقلصها، فارتفعت سلاسل الجبال ونشأت تبعاً لذلك الوديان والمنخفضات، ثم استقر الماء في المنخفضات وبدأ الانقسام إلى أرض (يابسة) ومياه
نشوء الحياة والأحياء
نشأت الحياة بعد ذلك على وجه الأرض في زمن مضى عليه - في رأي بعض الجيولوجيين - ٥٠ إلى ١٠٠ مليون سنة، وكانت الأحوال الطبيعية تختلف عما هي عليه الآن، فمياه المحيطات مرتفعة الحرارة، والعناصر المتشععة عظيمة النشاط، والمركبات الكيميائية ليست كلها على النمط الذي نعرفه، فدبت الحياة في المادة الحية الأولى (بروتو بلاسم)، ثم نشأت منها الوحدات المحدودة التي نسميها خلايا
لم تكن الكائنات الحية الأولى نباتات صرفة ولا حيوانات خالصة، ولكن البعض منها أصبح نباتا لاقتصاره على التغذي بالمواد غير العضوية التي في الأرض، وجرى البعض الآخر على افتراس ما يجاوره من الأحياء، وذلك منشأ تكون الحيوان، وقد اقتضت عملية الاقتناص أن يتزود الحيوان بأعضاء خاصة بالحركة والحس وبفم ومعدة وأسلحة ودروع فنشأت عنده هذه الأعضاء. ثم نشأت الحيوانات والنباتات العديدة والخلايا بعدم انفصال الخلايا الناتجة من انقسام خلية واحدة
ولما غاضت معظم المياه الضحلة وانسابت الأنهار السريعة الجريان هلكت الحيوانات التي لم تستطع التخلص من بطء حركتها، وتطورت أعضاء الحركة في الحيوانات الباقية فظهر السمك كالقارب الطويل مجهزاً بزعانف قوية ثم تكونت فيه السلسلة الفقرية. واكتظت الأنهار الضيقة السريعة الجريان بالأحياء فقام بينها الكفاح من أجل الأوكسجين والغذاء فذهب البعض إلى البحار العميقة وبدأ البعض سباقه صوب البر ونباتاته يقتات بما فيها من حشرات ثم يعود إلى الماء وأخذت المثانة الهوائية تتطور إلى رئتين والزعانف تتطور إلى