حديث الحياة بعد الموت ألذ الأحاديث، ولا سيما إذا أنبأك به خبير يبني ما يقول على أساس علمي. ومن هؤلاء الخبيرين السير أوليفر لودج العالم الطبيعي الإنجليزي. وليس المراد بالطبيعي هنا ما يفهم عادة من هذه اللفظة، أي العالم الدهري المادي الذي ينسب إلى الطبيعة الجامدة ما ليس لها ويحلها محلاً أرفع من العقل، والذي شعاره وشعار طغمته (نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) بل المراد بالطبيعي في هذا المقال العالم الذي تفرغ لدرس نواميس الطبيعة وكشف النقاب عن أسرارها وحل ألغازها بانياً ذلك كله على البرهان العلمي
رأيت للسير أوليفر لودج مقالاً في مجلة إنجليزية عنوانه (ما هو الموت). وسأحاول تلخيصه بهذا المقال تاركاً للقراء الحكم فيه وما يستسيغون منه
مهد لموضوعه بمقدمة وجيزة عن كون الموت موضوعاً يدخل الغم على النفوس لأنه سفر مجهول وفرقة لا لقاء بعدها على هذه الأرض. ثم قال ما خلاصته.
إذا شئنا أن نفهم ماهية الموت وجب أولاً أن نعرف ما هي الحياة. وتعريف الحياة ليس بالأمر السهل. فإننا نعرف شيئاً عنها - نعرف أنها ليست صورة من صور الطاقة بل أنها مبدأ للهداية والإرشاد. وتستخدم لذلك الطاقة والمادة ولا يلوح أنها شيء طبيعي البتة
نحن نعيش في فرن من الطاقة المنبثقة من نور الشمس، ولنا قدرة على توجيهها وإدارتها. والدليل على أن الحياة ليست طاقة هو أن في وسع البذرة مثلاً أن تخرج أجيالاً لا يحصى عددها
والحياة تحدث أشياء لا يمكن أن تحدث بغيرها من الصدفة البحرية إلى الكنيسة الكاتدرائية. وذلك بتداخلها هي والمادة، وهذا التداخل أوجب تجهيزها بجسم مادي
وماذا نعني بالجسم؟ نعني به طريقة للظهور أو أداة. فقد يكون للموسيقار موسيقى في روحه، ولكنه يحتاج إلى آلة لإظهارها. فالجسم للنفس كالقيثارة للموسيقار
نحن بنينا الجسم طبقاً لأعمال طبيعية وبلا علم منا، وصففنا دقائق الطعام على شكل