للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ما رأيت وما سمعت]

في سورية ولبنان

للأستاذ حبيب تلزحلاوي

- ٣ -

أجملت في مقالي السابق بعض المسائل الهامة التي تدور في سوريا اليوم، وقد كان من الضروري شرحها وتبسيطها ليقف القارئ على حقيقتها، أما آلا وقد زالت الأسباب التي الجأتني إلى الإجمال دون التفصيل، وذلك بنقل شركات الأنباء أخبار الاعتداء على العقيد أديب الشيشكلي، زعيم الانقلاب الثالث والمؤامرة التي دبرت لرئيس الوزارة والمجلس، فقد صار من الواجب علي أن أتبسط في الشرح، لاعتقادي أن الأحداث المقبلة قد لا تقف عند حد إطلاق الرصاص على ضابط كبير، بل هي أعظم وأخطر من التآمر على حياة وزير أو رئيس.

ليست سياسة الحكم، ولا حب الاستئثار بمقاعد الحكم، ولا اختصام الأحزاب على موارد الكسب عن طريق الحكم، هي سبب الاضطراب والقلق والخوف الذي يحسه كل سوري، ولا هي العثرة في طريق الاستقرار المنشود، إنما مرد ذلك إلى نقرة قائمة بين جيلين يرى الواحد مالا يمكن أن يراه الآخر تعصبا وعنادا، وينكر عليه كل عمل يعمله ادعاء وعنجهية لا لأن أعمال هذا أو ذاك فاسدة أو صحيحة، بل لأن الجيل الجديد يعمل بروح لا تقوم للملك قائمة بدونه، وأن هذا الروح لا أثر له البتة في نفوس وعقول أبناء الجيل القديم. ومن العجب العجاب أن ضباط الجيش قد حشروا ذواتهم حشرا في هذه الخصومة الطبيعية. لا باعتبار أنهم بعيدون عن المؤثرات النفسية ودوافعها، بل لأنهم في مستوى عقلي يجعلهم غرباء عن أبناء الجيل المتقلب بين الميوعة والتحجر، وعن ابن الجيل الجديد المتوثب للعمل المجدي.

صحيح أن السوري من أبناء الجيل السابق قام بأعمال باهرة مجيدة في ميدان الكفاح والدفاع أبلغته، بعد لأي وجهاد، الغرض الذي صبا إلى تحقيقه وهو (الاستقلال) ولكن ما قيمة هذا الاستقلال - في نظر ابن الجيل الجديد - ما قدره والأهواء السياسية تتقاذفه

<<  <  ج:
ص:  >  >>