يبلغ صاحب الجلالة الملك فاروق الأول ملك مصر رشده الدستوري في الثامن والعشرين من شهر يولية القادم. وقد أثيرت بهذه المناسبة مسألة الرسوم والإجراءات التي يحسن اتباعها لإعلان هذا الحادث السعيد، وافتتاح العهد الجديد بما يليق به من الروعة الملوكية والدستورية.
ومن المقرر أن الدول الملوكية العريقة تتبع في مثل هذه المناسبات رسومها وتقاليدها الملوكية الخاصة؛ وقد رأينا كيف أحيطت حفلات التتويج البريطاني بكثير من الرسوم الملوكية القديمة التي يرجع بعضها إلى عدة قرون؛ ولكن يلاحظ هنا أن الملوكية الإنكليزية لبثت منذ قيامها حتى يومنا متصلة الحلقات، يحتفظ العرش بمعظم رسومها وتقاليدها عصراً بعد عصر. أما الملوكية المصرية فقد انقطع سيرها وعفت رسومها منذ الفتح العثماني زهاء أربعة قرون حتى أعلن المغفور له الملك فؤاد الأول ملكاً على مصر في سنة ١٩٢٢.
ومع ذلك فأن للملوكية المصرية الإسلامية رسوماً وتقاليد عريقة انتهت إلينا منها صور وذكريات باهرة. وقد عرفت مصر الإسلامية هذه الرسوم الملوكية الخاصة منذ استحالت من ولاية خلافية إلى وحدة سياسية مستقلة في ظل الدولتين الطولونية والأخشيدية اللتين كانتا بالرغم من ولائهما الاسمي للخلافة العباسية تتمتعان ببعض الرسوم والتقاليد الملوكية الخاصة، مثل صدور البيعة للأمير، وتحليه بألقاب الإمارة وأحياناً بالألقاب الملوكية مثل اتخاذ محمد بن طغج لقب الأخشيد (أي أمير الأمراء)، أو تمتعه ببعض الامتيازات الملوكية السياسية، كما فعل الأخشيد حينما اتصل بقيصر قسطنطينية مباشرة في المكاتبات الدبلوماسية المتعلقة بمصر وغير ذلك؛ وثانياً حينما غدت مصر خلافة أو دولة مستقلة كاملة السيادة في ظل الدول الإسلامية المتعاقبة.
وقد عرفت الملوكية المصرية رسومها وتقاليدها الراسخة في ظل الدولة الفاطمية: وكانت هذه الدولة القوية تجنح إلى البهاء والفخامة في جميع رسومها وتقاليدها. وكانت تولية