نيتها معقودة على النجاة لا على الوقوع؛ وهذا معقول، لأنه يسر المرأة أن تعرف أنها جميلة وأن الرجل يريدها وإن كانت هي لا تريده. وأحسب أن المتعة المستفادة من الطراد هي كل ما في الحب من لذاذة؛ ومتى انتهى الأمر ووقعت الفريسة، فتر النشاط والحماسة، وسكنت النفس وهدأت الأعصاب. ومن هنا يخطئ الذين يتوهمون أن للحب عمراً أكثر من عمر المطاردة، ومن هنا أيضاً يخيب أمل الذين يتزوجون وهم يحسبون أن الحب يدوم. وما أكثر من يسألون عن الوفاء والحفاظ ما فعل الله بهما. ولو فكروا لما انتظروا وفاءً ولا حفاظاً ولا خاب لهم أمل ولا ندبوا حظوظهم في الدنيا، فإن الحب - ككل شيء في هذه الحياة - لا عمر له ولا بقاء؛ وهو يبقى ما بقيت لذته؛ ولذته تنتهي بانتهاء المطاردة. كل شيء في هذه الدنيا إلى حين، فلماذا يكون الحب وحده هو الباقي الدائم؟
والمرأة تدرك هذه الحقيقة بغريزتها أيضاً؛ ولذلك نراها تحاول أن تستبقي روح المطاردة بعد انتهائها بما نسميه الدلال وهو فن يراد به أن يشعر الرجل أن به حاجة إلى السعي والجهد فيؤدي ذلك إلى شحذ الرغبة ونفي الفتور وتجدد الطلب. فالحق أن الطبيعة حكيمة وإن كانت حكمتها لا تبدو لنا في أكثر الأحيان.