أن يتوهم أنه هو الذي يقوم بالمطاردة. ولا بد للفتاة التي تخرج للقنص والصيد من أن تدرس أساليب الصيد ووسائله وأن تستعين على التوفيق بمعرفة طباع القنيصة. وما من رجل يعتقد أن في وسعه أن يصيد غزالاً بأن يجري وراءه ويصيح به. والأساليب التي يستخدمها لصيد الفهود والنمور غير التي يلجأ إليها حين تكون غايته الأرانب، ومتى استطعت أن تثيري اهتمامه بك فليس عليك بعد ذلك إلا أن تغذي نفسه ببواعث الرغبة فإذا هو بين يديك، واعلمي أن الرجل يجد لذة في المطاردة، ولكن حماسته تفتر متى ألفى الطريدة في حقيبته. وإذا وجد أن الصيد سهل جداً فقلما يعنى بأن يمد يده ليتناوله وقد يدعه على الأرض حيث وقع. أما إذا كان الطراد شاقاً عنيفاً مثيراً وكانت الطريدة شديدة الحذر طويلة الصبر على جهد الطراد فإن الرجل خليق بأن يزهى بالفوز بها وأن يروح يعرض الصيد على العيون مفاخراً مباهياً) أهـ.
ولا شك أن الواجب الذي أوكلته الطبيعة إلى المرأة شاق، فليس من السهل أن تلعب دور الهارب وهي في الوقت نفسه مصممة على الوقوع في يد المطارد. فقد تطول المسافة بينها وبينه جداً فييأس وينكفئ راجعاً ويعدل عن المطاردة. فإذا تركته يدنو منها جداً ويدركها بسرعة وسهولة وبلا جهد يستحق الذكر فقد ينفض يده من الأمر لأنه يراه أسهل عليه من أن يحس أنه يفيد منه متعة ويروح يلتمس صيداً غيره يستحق العناء. فالأمر يتطلب حذقاً في التقدير وبراعة وسرعة في التقرير من جانب المرأة. ومن هنا يحدث كثير من المضحكات التي يعجب لها الرجل ولا يرى له قدرة على فهمها. وكثيراً ما يفوته الجانب المضحك لأنه يشغل بالفهم على طريقه هو، فيصرفه ذلك عن الفكاهة. من ذلك مثلاً أن واحدة اشترطت لقبول الزواج أن يكون للرجل ألف جنيه مدخرة لأن القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود، فراح المسكين يقتصد ويدخر - أو يحاول ذلك على الأصح - وطال الأمر وتعاقبت الشهور وهو يجد ولا يتكلم ولا يظهر أيضاً وكيف يظهر لها قبل أن يجمع المبلغ المطلوب. فلقيته اتفاقاً وسألته عما صنع، فقال:(لم استطع أن اقتصد إلى اليوم أكثر من جنيهين) فابتسمت له بعد أن أطالت النظر إليه وقالت (أظن أن هذا قريب جداً من الغاية)
وكما أن الرجل يجد لذة في المطاردة، كذلك المرأة تجد لذة في أن تُطارَد حتى ولو كانت