للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

في المحراب (ديوان)

تأليف الأستاذ محمد عثمان الصمدي

للأستاذ محمد رجب البيومي

منذ أكثر من خمس سنوات قرأت في مجلة (الكاتب المصري) قصيدة طويلة تحت عنوان (بين المثالية والطبائع البشرية) وقد راقني منها وضوح الفكرة، وقوة النسج، ودقة التحليل، فاضطررت إلى تكرارها مرات عديدة حتى علق بذهني كثير من أبياتها، وأخذت أفتش في مجلاتنا الأدبية، عن شعر آخر لكاتبها المبدع فلم أوفق إلى شيء، حتى وقع في يدي منذ أسبوع ديوان (في المحراب) مبدوءا بهذه القصيدة الفريدة فأخذت أطالعه في كثير من الشغف والإعجاب، وشاهدت بين قصائده نظائر عديدة للقصيدة الأولى، فعلمت أن الينبوع الذي ينحدر منه هذا الشعر الجيد، دافق جياش لا ينضب له معين، وأسفت حين علمت أن ديوان (في المحراب) قد صدر منذ عامين، وسكتت عنه المجلات الأدبية، فلم نقرأ له نقداً في صحيفة، لو تقريظاً في مجلة، مع أننا نطالع في كل يوم كلمات كثيرة تدور حول دواوين ميتة لا تشبع عقلاء ولا تحيي عاطفة، وهكذا يرسب الدر في قاع المحيط، بينما يتناثر على سطحه الأشلاء والعظام.

ومن الخير أن نكشف عن المميزات التي تظهر في شعر الأستاذ الصمدي واضحة بارزة، وقد يكون أهمها ما نلمسه لدى الشاعر من عمق في التحليل، وقوة في التحليق، وجزالة محكمة رصينة،!! وتلك هي الأركان الثلاثة التي ارتفعت بديوانه إلى منزلة سامقة تشرفه وتعلمه، ومما يزيد في قيمتها الأدبية أنها تطرد في سياق واحد، فلا تتخلف ميزة عن أختيها، في قصيدة من قصائد الديوان، بل تظهر ثلاثتها متجاورات متآخيات!!.

وإذا كان الشاعر في جميع قصائده متشائماً متضايقاً، برماً بما حوله من الناس والأحياء، فهذا مما يؤخذ عليه في شيء، لأن لكل إنسان آماله وأحلامه. ومهما أحث السير نحو أهدافه فلن يقرب من مثله وأشواقه، وهنا تكون الحسرة الموحية بالتشاؤم والقلق لدى أكثر الشعراء، وقد يكون الحظ التعس مولعاً ببعضهم فيقف له المرصاد، ينغص عيشه، ويكدر

<<  <  ج:
ص:  >  >>