للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفن المصري القديم]

- ١ -

تمهيد

تؤلف الكتب، وتحبر الأوراق، يتبارى في آخراجها أبناء الأمة ذات الفن أو التاريخ. ومصر، أم التاريخ، التي نهل منها جميع الوجود، ومصدر الفن والذي غذى بنعمته ونوره العالم من مبدأ الحياة. مصر، التي هي البقعة الوحيدة التي هبط عليها طائر الفن الجميل، ونزل على أرضها وحي العظمة والعرفان، أفقر الأمم جميعا. اعتزازا بفنها وتاريخها.

وكم مجهود من مجهودات المصريين الحاضرين بذل في سبيل تحقيق تلك الغاية وتمجيدها؟! وكم هو عدد المؤلفات التي وضعتها أيدي مصرية عن الفن المصري القديم؟! وهذه جهود الإفرنج تملأ مصر بحثا ودرسا، وتغشى أرضها تنقيبا واستكشافا. ثم هذه مؤلفاتهم عن الآثار المصرية وما فيها من فن وقدرة وجمال تغمر الدنيا جميعا. بل إن في متحفنا المصري وحده مكتبة تجمع نحو تسعة عشر ألفا من بعض الكتب التي وضعت بلغات مختلفة عن آثار مصر.

الأجانب هنا وهناك، هم الذين يأخذون وحدهم بشؤون تاريخنا. وهم الجادون في دراسة حضارتنا القديمة، ينشرون بحوثهم فيها على العالم ما كان لمصر في التاريخ القديم من فضل. ونحن، نحن الذين كنا أولى من غيرنا بتلك الدعاية واجدر من كل الناس دراسة لآثارنا وأخذاً لمعالم تاريخنا، لا نتقدم إلى الميدان بأقصر يد. ولا ننهض لاعتزاز بمجدنا بأيسر حال.

أليس هذا من بواعث الأسف؟ ثم أليست حالنا في ذلك أدعى إلى النقد والسخرية؟

نعم هناك بعض جهود مصرية، لا ننكرها. وبعض أيادٍ وطنية، على التاريخ المصري، لا يجب أن نجحدفضلها. ولكنها بضعة ضئيلة. أملنا أن تتجسم وتتضاعف، حتى تفيض على الناس خيرا.

ولعلنا جميعا، نوقن في أنفسنا بأننا مهما بذلنا في خدمة وطننا الجهود، ومهما ملأنا الأرض جدا وسعيا، ووصلنا أركان القطر ذكريات وأثارا، فلن نبلغ إلى غاية الخلود والعظمة ما بلغ أجدادنا المصريون القدماء، الذين بهروا العالم إعجاباً وإعجازاً ولقد نفخر بهم، ونعتز

<<  <  ج:
ص:  >  >>