للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السيدة فتحية أحمد]

من الوجهة الفنية

للأديب محمد السيد المويلحي

من أثبت المطربات قدماً في فنها، وأعظمهن خبرة بصناعتها. تعتبر ثانية مطربات الشرق بعد (أم كلثوم)، وإن كان بعض جهابذة الفن يرفعها عليهن جميعاً لقدرتها وتصرفها العجيب الذي يجمع بين سحر القديم وقوته، ورونق الجديد ورقته، والذي لا يعجز عن إرضاء جمهرة السامعين ولو كانوا حشدا مختلفا في ذوقه متباينا في عمره.!

سمعتها مرة تغني في دار (الاتحاد الموسيقي) الذي يرأسه الأستاذ إبراهيم شفيق وكان على رأس الجميع مصطفى رضا بك مدير المعهد الملكي للموسيقى العربية، والدكتور محمود أحمد الحفني مدير إدارة الموسيقى بوزارة المعارف؛ والآنسة أم كلثوم، فإذا بها تبتدئ من نغمة (النهاوند) فعملت من (النوا) بياتي ثم نهاوند. وحولت النوا عشاق وقفلت (نركيز) على أساس النغمة، ثم النوا راست وقفلت (زاريل)، ثم رجعت للنوا حجاز وطلعت على جواب الكردان وعملت نهاوند وراست على (الكردان)، ثم صبا علي الحسيني، ثم قفلت (نهاوند)!

وكل هذا متآلف مع النغمة الأصلية مما أخرج (أم كلثوم) عن طورها فلم أرها في موقف لمطرب أو مطربة (تصرخ) كما كانت تصرخ أمام (فتحية). ولقد أراد البعض أن يرجوها في الغناء بعد أن انتهت. . . فما كان منها إلا أن قالت حرفياً (وماذا أقول بعد هذا)!

يبلغ صوتها خمسة عشر مقاماً تقريباً. وهو من نوع (الكونتر آلتو) وإن كان البعض يقول أنه من فصيلة (التينور). . .!

يمتاز بلمعته ونبرته وقدرته حتى أطلق عليه جميع الموسيقيين والموسيقيات لقب (الفتوة)! لأنه ينفرد بقوة عجيبة غريبة؛ فلو استمر شهوراً يشتغل كل ليلة ما شكا وما نقص وما (خستك) كغيره من الأصوات. . جيد الإلقاء. دقيق المحاكاة.

هي أول (مطربة) جمعت بين أشياء متناقضة متنافرة لا سبيل إلى جمعها أبداً! جمعت (الشرف) والفن والأمومة المنتجة الرحيمة التي تبذل دمها وروحها لتهذب وتعلم أولادها من مالها (الحلال) الذي جمعته من كدها، وتعبها، وصوتها!

<<  <  ج:
ص:  >  >>