(يا ليل). . . أشهد أنني أكره هذا النداء الذي قتله مطربونا ومطرباتنا نداء، وأوجعوه وانحنوه مناجاة. ولست أدري السر في هذا، القصور فني، أم لضعف صوتي؟؟ إن كان هذا أو ذاك فقد كنت أكره نداء الليل ومناجاته حتى سمعت هذا النداء العجيب من (فتحية)
سمعتها تناجيه وتناغيه بتصرف حيرني، ثم أدهشني وأعجبني حتى حول كراهتي حباً وافتناناً. . . وصرت لا أود ولا أسعى إلا لأسمعها تقول: يا ليل. . .! بقوة تخجل الرجال، وبقدرة تذهل النساء، حتى اعترف لها الجميع وأولهم (أم كلثوم) و (عبد الوهاب) بأنها أقدر مطربة في العصر الحديث فاقت المطربين والمطربات في مناجاة (الليل) وغناء (الموال).!!
هاجرت إلى الشام مراراً وراحت تذيع رسالتها هناك فذاع اسمها ذيوعاً قل أن يدركه غيرها، ولكن الحنين عاودها إلى مصر فرجعت لترى أن القدر قد أعد لها (مزحة) تهد الجبال وتقتل الرجال. رجعت وكان لها (رصيد) في البنك يبلغ سبعة آلاف من الجنيهات فإذا به (ستة مليمات) فحسب. . .! فإذا أردت أن تعرف السبب فهو (رجل) وضعت فيه ثقتها بحكم قرابته لها فإذا به يستغل جهلها بالقراءة والكتابة - وقتئذ - وينتزع منها ومن أولادها هذا المال الذي جمعته كما قلت قبلا بكدها وسهرها وصوتها. . .!
لا عيب في مطربة (القطرين) إلا أنها كغيرها من مطرباتنا قطعت شوطاً عظيماً، وزمناً طويلاً في الجو الموسيقي فلم تستفد، ولم تتقدم، ولم تتعلم، اعتماداً على صوتها وحسن تصرفها الذي وهبها الله إياه
تحب الفن للفن، والموسيقى للموسيقى، ولا تستطيع أن تملك نفسها وتكبت شعورها وتحبس إعجابها - كما يفعل غيرها - عندما تسمع الجيد المتقن، فتراها تثني وتصفق (وتزن) كأي فرد عادي تماماً ولعلها المطربة الوحيدة التي تسعى وراء كل مطرب أو مطربة لتسمع وترخي أذنها وفنها. ولا يظن القارئ أن تلك الصفة التي توصف بها فتحية (عادية) لأنها أن كانت عادية معه ومعي إلا أنها معدومة مفقودة في الوسط الفني. ما من فرد من أبناء الموسيقى سواء أكان مطرباً أو مطربة تسأله رأيه في زميل إلا سمعت الثناء أولاً ثم التعقيب بكلمة (ولكن. . .) ولكن هذه كفيلة بتشويه جميع الحسنات، وتدنيس جميع المزايا، وتحقير جميع الهبات. . .