للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

مشكلة الفن والقيود:

(لا يحيا الفن بغير القيود)، مثل مشهور تبناه فريق من أدباء فرنسا وشايعهم فيه أنصار من مختلف بقاع الأرض. وأرى أنه ينطوي على شيء كثير من الخطأ والضلال، لأن إخضاع الفن للقيود يعني تقنينه وربطه بقواعد وأصول، وهذا ينافي طبع الجمال الذي هو غاية الفن وطابعه الرئيسي. ولو طبقنا المثل نفسه على الشعر العربي مثلاً لانعكست الآية وانقلب المفهوم رأساً على عقب فمما لا شك فيه أن القافية كثيراً ما تسوق الشاعر مرغماً إلى معنى لا يرتضيه ولكن ارتضته القافية، ومعنى هذا أن القافية تنطق الشاعر كلاماً لم يقصد إليه ولم يهدف إلى معناه، وما لا يقصده الشاعر ولا يهدف إليه يكون حتماً خيلا عليه فلا يرتضيه ولا يطمئن إليه، وفي هذا قال شاعرنا العربي عبارته الخالدة (ما أرضاه من شعري لا ياتبنى وما يأتيني منه لا أرضاه).

حقاً إن القافية تبتكر معنى جديداً لم يخطر ببال الشاعر، ولكن العبرة ليست في تغيير المعني وتزاحمها وإنما في قوتها وروعتها وجمالها، وكلها صفات لا تجتمع للمعنى الذي تبتكره القافية، إلا عن طريق الصدفة، والتعويل على الصدفة عند تكوين حكم عام عن الفن، أمر ينافي الحكمة ويجافي المنطق. . . ألا ترى معي بعد هذا بأنه ليس من المتصور أن تحيي القيود الفنون مادام القيد ينزع بطبعه إلى التحكم؟

هذا ما وددت أن أعرف رأيك فيه. . . ولك مني خالص الشكر والتحية.

فؤاد الونداوي المحامي

(بغداد - العراق)

يريد الأستاذ الفاضل فؤاد الونداوي أن يعرف رأينا في هذه المشكلة الفنية التي يعرض لها في رسالته، ونعني بها مشكلة الفن والقيود. ويبادر هو فيحكم على المثل الذي ينادي بالا حياة للفن إلا في ظل القيود. ويبادر فيحكم عليه بأنه ينطوي على شيء كثير من الخطأ والضلال، لأن إخضاع الفن للقيود في رأيه يعني تقنينه وربطه بقواعد وأصول، وهذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>