للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتنة الزَّنج

ورثاء البصرة في شعر ابن الرومي

للأستاذ محمود الشرقاوي

- ٢ -

خلاصة

جئنا في مقالنا الأول عن فتنة الزنج على مبدأ ظهور صاحب الزنج وبدء فتنته واستيلائه على العبيد الزنوج وخروجه بهم على الولاة حتى دخل بهم البصرة وخرَّ بها في شهر شوال من سنة سبع وخمسين ومائتين. وكان دخوله إليها وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة بقيت منه، فأباحها صاحب الزنج لأتباعه ليلة ويومين يفعلون بها وبأهلها ما شاءوا.

رثاء ابن الرومي

بدأ ابن الرومي قصيدته في وصف هذه الحال بهذه البداية الجازعة:

ذاد عن مقلتي لذيذ المنام ... شغْلها عنه بالدموع السجام

أيَّ نوع من بعد ما حل بالبص ... رة ما حل من هنات عظام؟

أي نوم من بعد ما انتهك الزن ... ج جهاراً محارم الإسلام؟

إن هذا من الأمور لأمر ... كاد ألا يقوم في الأوهام

ومن هذه البداية يشعر القارئ بما يريد ابن الرومي أن يوحي إليه من الجزع والتهويل والتقديم لأمر عظيم (انتهكت به محارم الإسلام) حتى أن هذا الأمر العظيم يكاد ألا تصدقه الأوهام.

ثم ينتقل بعد هذا الإيحاء وإثارة الغضب والسخط في قلب سامعه وقارئه إلى وصف ما يريد فيقول مجملاً في بيت واحد:

أقْدم الخائن اللعين عليها ... - وعلى الله - أيَّما إقدام

ثم يعود بعد هذا الإجمال البارع إلى ما في نفسه من الحزن واللهفة على ما أقدم صاحب الزنج من أمر فيقول هذه الأبيات:

لهف نفسي عليكِ أيتها البص ... رة لهفاً كمثل لهب الضرام

<<  <  ج:
ص:  >  >>