كنا حبيبين سعيدين. . . ثم جاءت اللحظة المشئومة فافترقنا كالأعداء.
وكرت سنون عديدة. . وفي ذات مرة، عندما كنت أزور المدينة التي يسكن فيها حبيبي، علمت أن اليأس من لقائي قد حطمه.
ذهبت إليه، ودخلت عليه، وتلاقت أعيننا.
ولأياً استطعت أن أعرفه. . يا لله! أي مرض خبيث قد عصر حبيبي؟. . شحوب. . ارتعاش. . ذبول
ورأيت جسم حبيبي يذوب تحت ثوبه المهلهل
بدا لي في قميصه الممزق كأن جسمه الواهي لا يستطيع تحمل ضغط الثوب. . وبجهد مد إلى يده المرتعشة التي تنوء بحمل عظامها، ونفث بضع كلمات غامضة. . خرجت حائرة تتعثر بين السلام والملام
وكان لهاثه يكاد يمزق صدره الهزيل المضني. . وكذلك إنساناً عينيه تقلصا حتى كادا أن يتلاشيا
وتفصدت من عيني حبيبي الذاويتين عبرتا أن تكسرتا على وجهه الشاحب
انفطر قلبي لمرأى حبيبي. وجلست إلى جانبه يتنازعني الألم والرعب من شبح المرض الجاثم عليه.
وداخلني شعور عميق بأن هذه اليد التي تصافح يدي ليست يد حبيبي، وخيل إلي أن امرأة طويلة كاللانهاية، صامتة كالأبدية، باهتة كالعدم تجلس بيننا. . هي ملتفة من رأسها لقدميها بكفن كبير، عيناها الحادتان الغائرتان الشاحبتان تحدقان في الفضاء، وشفتاها الصارمتان المطبقتان الباهتتان لا تنفرجان عن كلمة. هذه المرأة لمست أيدينا. . ووفقت بيننا إلى الأبد، نعم هو الموت الذي وفق بيننا!