نشرت في عدد (الرسالة) الماضي على أثر ما علمته من أن جريدة المكشوف البيروتية نشرت خطاباً ومقالاً زعمت أني أرسلتهما إليها - كلمة موجزة كذبت فيها هذه الواقعة بطريق حاسم وقلت أن ما فعلته المجلة المذكورة إنما هو تزوير شائن.
والآن بعد أن أطلعت على بعض الصحف البيروتية التي نقلت المقال المزعوم أو علقت عليه (وذلك لأني لم أستطع الحصول على عدد المكشوف الذي حدث فيه النشر المزور) عرفت أن الصحيفة المذكورة قد عمدت إلى مقال قديم كنت قد نشرته في (السياسة الأسبوعية) سنة ١٩٣١ واقتضبت منه عبارات مسختها وزعمت أنها مقال أرسلته إليها، ونشرت إلى جانبه الخطاب الذي زعمت أنها تلقته مني.
وقد أرادت الجريدة المذكورة أن تلقى بذلك من روع قرائها أنني أؤيد الحملة الدنيئة المستمرة التي تشهرها على التفكير المصري والكتاب المصريين، والتي لا تلقى هنا وهنالك سوى ما تستحق من الإعراض والزراية، وأرادت أن تدلل على ذلك ببعض فقرات اختلستها من مقالي المذكور.
فأقرر هنا أني كتبت هذا المقال منذ سبعة أعوام لمناسبة حالة أدبية معينة لاحظت أعراضها يومئذ، ورأيت في تلك الأعراض بعض وجوه ضعف يجب إصلاحها وتداركها. والحركة الأدبية المصرية ليست معصومة، ولم يقل أحد إنها بلغت ذروة الكمال، بل هي ككل حركة فكرية واجتماعية قابلة للنقد والإصلاح؛ ولكن لما كانت الحركة الأدبية المصرية تثب بخطى الجبابرة فان هذه الآراء لا يمكن أن تعبر إلا عن الوقت والظروف التي قيلت فيها.
أما أن تعمد جريدة المكشوف إلى اقتضاب بعض ما ورد في هذا المقال ثم تزعم أني أرسلته إليها، بل وتذهب في الافتراء إلى أبعد من ذلك فتقرن المقال المزعوم بخطاب تدعي أني أرسلته إليها فأقل ما يقال في ذلك إنه عمل إجرامي دنيء.
ما كان لمثلي أن ينزل إلى مثل ذلك فيمالئ وريقة عرفت بحقدها المضطرم على الثقافة المصرية، وعلى النيل من ثقافة بلاده التي يعتز بها، والتي يتشرف هو بأن يشترك في