تتابعت الحوادث الدولية في الأسبوعين الأخيرين بسرعة، وبدت في الأفق أزمات واحتمالات مزعجة يرى فيها المتشائمون نذر الحرب تجتمع وتهيئ الأسباب للاصطدام الخطر؛ ففي أسبانيا تتطور الحوادث تطوراً واضحاً، إذ يقف هجوم الثوار على مدريد، بعد أن كادت تسقط في أيديهم، وترجح قوات الجمهوريين التي تؤيدها نجدات سوفيتية قوية؛ وتسارع إيطاليا وألمانيا إلى الاعتراف بحكومة برجوس (حكومة الثوار) لكي تشد أزر الجنرال فرانكو زعيم الثورة من الوجهة المعنوية، ولكي تسبغ على حكومته صفة الدولة المحاربة فيسهل عليه تلقي النجدات الخارجية بصورة أوسع؛ وقد ظهر أثر هذا التأييد واضحاً في تصرفات الجنرال فرانكو الأخيرة؛ فقد أعلن أنه سيفرض الحصار البحري على شواطئ أسبانيا الشرقية والشمالية، وأنه سيغلق ثغور أسبانيا التي بأيدي الجمهوريين أعني برشلونة وبلنسية واليقنت ومالقة، وأن سفنه ستطلق النار على أية سفينة أجنبية تدخل هذه المياه؛ ووجه الجنرال فرانكو أيضاً إلى فرنسا إنذاراً بطلب الذهب الأسباني الذي سحبه الجمهوريون من بنك أسبانيا، وأودعوه في باريس؛ ومع أن الجنرال فرانكو لا يملك من الوحدات البحرية سوى عدة طرادات صغيرة لا تستطيع أن تضطلع بمثل هذا الحصار الخضم، فان المفهوم أنه سيعول في تنفيذ وعيده على يد الغواصات الإيطالية والألمانية؛ وقد ظهر أثر هذه المعاونة البحرية سريعاً في إصابة الطراد الجمهوري (سيرفانتيس) من مقذوف بحري أطلقته عليه غواصة أجنبية؛ على أن الجنرال فرانكو لم يلبث إزاء موقف إنكلترا وتشددها في عدم اعتبار صفة شرعية لحكومة الثوار، ومطالبتها بالا يتعدى الحصار المياه القومية، أعني مدى الثلاثة أميال المقررة في القانون الدولي، وأن تعين منطقة محايدة لرسو السفن الأجنبية، أن اضطر إلى تعديل موقفه والتسليم بهذه المطالب التي أيدتها إنكلترا بإجراء بعض المناورات البحرية الضخمة في المياه الأسبانية.
وظاهر من هذه الخطوة التي اتخذها الجنرال فرانكو، بتحريض الدول الفاشستية أعني إيطاليا وألمانيا وتأييدها المعنوي والمادي، أنه يقصد وقف المساعدات القوية التي تتلقاها