كتاب رائع، ذلك الكتاب الذي يقدمه الأستاذ أحمد الصاوي محمد إلى قراء العربية. وبهذا الكتاب يثب الصاوي وثبة أخرى في الطريق الذي بدأه منذ سنين، حين راح ينقل شتى الألوان من ثقافة الغرب إلى الشرق، ويمزج بين هذه وتلك مزجاً موفقاً يقرب الشقة بين ذوق وذوق، وبين فهم وفهم، وبين شعور وشعور.
و (زوجات) يصدر معه كتابان آخران للصاوي وهما (فوشيه) و (الغيرة من الماضي). . . ثلاثة كتب ومن قبلها بضعة وعشرون كتاباً، تكون في مجموعها ثلاث مدارس كما يحلو للأستاذ الصديق أن يصنف كتبه فينسب كلا منها إلى مدرسة خاصة؛ فهناك مدرسة العبقرية، ومدرسة الحرب والسياسة، ومدرسة المجتمع. . . وإلى هذه المدرسة الأخيرة ينتسب كتاب اليوم (زوجات).
يقدم إليك الصاوي في هذا الكتاب ثمانية ألوان من الطبيعة الإنسانية، في كل لون منها امرأة. . هي زوجة. وعلى اختلاف الميول وتباين الأهواء وافتراق النزعات، تختلف الصور وتتباين الملامح وتفترق السمات، ويتمثل لناظريك معرض من معارض الصراع القوي العنيف؛ صراع العواطف والأفكار. . فيه لوحات نفسية، وفيه نماذج بشرية، وفيه ما فيه من حيرة العقل ولوعة القلب ووقدة العاطفة واشتعال الوجدان!
وأقف بك وقفة متأنية، متأملة، عند الزوجة الأولى صاحبة (الكراسة الحمراء)، تلك التي قضت العمر محلقة بالفكر على أجنحة الخيال، تحلم حلماً طويلا لا نهاية له. . حلم أرض الميعاد! هي قصة من روائع الأدب الفرنسي المعاصر لخصها الصاوي من قبل ثم عاد فنقلها إلى العربية نقلا أمينا، كاملا، احتفظ فيه بروح الفن في لغته الأصيلة؛ أما صاحبها فهو أندريه موروا عضو الأكاديمي فرانسيز وأما اسمها الحقيقي فهو (أرض الميعاد)، ولكن قلم الصاوي شاء أن يخلع عليها اسماً آخر هو (الكراسة الحمراء). . وقبل أن ألخص لك هذه القصة التي تشغل من الكتاب ما يقرب من ثلثيه، قبل هذا أود أن أشير إلى قصة أخرى ظهرت في أفق الأدب الفرنسي، هي قصة (الباب الضيق) لأندريه جيد صاحب