جائزة نوبل للأدب عن عام ١٩٤٨. . في قصتي جيد وموروا ناحية جديرة باهتمام القارئ المتمكن والناقد الذواق؛ ناحية يلتقي فيها الكاتبان ويفترقان بعدها في كل شيء!
أندريه موروا في (أرض الميعاد) فنان، وأندريه جيد في (الباب الضيق) إنسان. . وكلاهما يبلغ القمة في ميدانه: هذا في إنسانيته وذاك في فنه. وكلاهما يمضي بعد ذلك في طريق؛ تنزع القصة الأولى إلى الناحية الموضوعية أكثر مما تنزع إلى العرض والتحليل، على حين تقتصر القصة الثانية على الناحية التحليلية الخالصة، هناك حيث تطغى الألوان النفسية والظلال الإنسانية على كل ما عداها من ألوان وظلال! وبعد ذلك أيضاً يمضي كل منهما في طريق. . . فبينما تجد موروا يصهر العواطف الإنسانية في بوتقة الشهوة الجسدية العارمة، تلقى جيد يصهرها في بوتقة اللذة الروحية الهائمة؛ هناك شيء من الإباحية السافرة المتجردة، هنا شيء من الصوفية القلقة الغامضة. . . وفي كلتا القصتين صراع ملح عاصف عنيف، هو في (الباب الضيق) صراع بين روح وجسد، وهو في (أرض الميعاد) صراع بين روح وأجساد! في نطاق هذا الصراع الروحي الشاذ تتفق القصتان ويلتقي الكاتبان، ولا أقول إنه اتفاق كامل أو التقاء كامل، ولكنه اتفاق والتقاء على كل حال، يتمثلان في شخصيتين وضعهما جيد وموروا تحت مجهر التحليل النفسي وهما (إليسا) بطلة (الباب الضيق) و (كلير) بطلة (أرض الميعاد). كلتاهما خلقت تنشد الحب الذي لا تدنسه شهوة، ولا يشوه من قداسته لذة، ولا يعبث بطهره إثم، وهذا هو الحب المثالي الذي تضيق به دنيا البشر، وكلتاهما لقيت في سبيل هذا الحب آلاماً مبرحة وعذاباً لا يطاق، وتلك حال من يعيشون على الأرض وقلوبهم متعلقة بالسماء، لا شيء غير الصراع. . صراع القلب والعقل، صراع الفكر والعاطفة، صراع الجسد والروح!. . . أما موروافقد شاء لبطلته أن تخضع لمنطق الحياة والناس على ما فيه من قسوة ومرارة، لكنه خضوع المجبر المغلوب على أمره حين تتألب عليه القوى فيلقي السلاح، وتظل المعركة إلى الأبد محتدمة في نفسه وشعوره؛ وهذا هو منطق الفنان!. . أما جيد فقد آثر لبطلته أن تقاوم حتى النهاية، وأن تحمل من الشقاء في سبيل مثلها العليا فوق ما يحمل طوق الأحياء. لقد استحال حبها الإنساني على مر الزمن حباً إلهياً في هـ من شفافية التصوف ما يقرب بينها وبين الله. . . وفي فص اليوميات من (الباب الضيق) تهتف (إليسا) من الأعماق