للسائر في شارع باب البحر بالقاهرة أن يعرج على حارة سيدي مدين ليرى بناء متهدماً درست معالمه إلا من جدران قائمة حول مقام وزاوية ومدرسة أهملتها جميعاً وزارة الأوقاف كأنها لا تدري أنه لفخر العلماء وإمام المحدثين ومن تصدى للإفتاء يوما ما، ومن أكب على الدرس والتأليف حتى قاربت تآليفه المائة: ذلك مقام سيدي عبد الرءوف المناوي.
عصره:
انتهى القرن العاشر الهجري والدولة العثمانية تبسط سلطانها على كثير من البلاد الشرقية، فكان لزاما أن تكون الطبقة الحاكمة في مصر عثمانية، وأن تكون اللغة المتداولة بين الأوساط الراقية تركية، يشجعها الحكام ويساعدون على انتشارها بشتى الأساليب؛ فلغة الدواوين ولغة المجالس ولغة التهاني والتناظر والمديح كلها تركية؛ أضف إلى ذلك ما يترتب عليه من ذيوع التأليف ودواوين الشعر بتلك اللغة؛ وأهملت اللغة العربية في شتى الأبحاث، وأقفرت تلك الحقبة من ذيوع لغة القرآن؛ فجفت أقلام المفسرين والمحدثين والمؤرخين والشعراء إلا من نفر قليل قبضهم الله للاحتفاظ بالبقية الباقية من مجدها الأثيل.
مولده
أنجبت القاهرة سنة ٩٥٢هـ فخر العلم والأدب: زين الدين محمد المدعو عبد الرءوف بن تاج الدين بن علي بن زين العابدين (أو العارفين) الحدادي المعروف بالمناوي.
نشأته
أكب على الدرس منذ حداثته، (وحفظ القرآن قبل بلوغه، ثم حفظ البهجة وغيرها من متون الشافعية، وألفية ابن مالك، وألفية الحديث للعراقي، وعرض ذلك على مشايخ عصره في