للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأنفلونزا أو النزلة الوافدة]

للدكتور سامي كمال

النزلة الوافدة مرض مستوطن في القطر المصري، فلا يمر شتاء دون أن نسمع ببعض إصاباته؛ لكن هذه الإصابات لا تأخذ شكلا وبائياً، وتظهر عادة في فصل الشتاء مقرونة بسابق التعرض لبرد شديد أو للرطوبة، وعاقبتها دائما حميدة.

وتظهر هذه النزلة الوافدة في جميع أنحاء العالم، كما تظهر عندنا، ويكثر عدد المصابين بها في البلاد الحارة، وتقل إصاباتها عادة عند حلول فصل الربيع.

وهي تنتقل بالعدوى بواسطة جراثيم خاصة؛ تلك الجراثيم عبارة عن بذور تتفاوت في حيويتها وتأثير إفرازاتها، لأن الجراثيم لا تؤثر الا بفعل هذه الإفرازات التي هي من أقوى السموم وأشدها فتكا بالإنسان.

فإذا صادفت أجساماً قوية قاومتها، أما إذا عرضت لها أجسام ضعيفة فأنها تقوى عليها، وتشتد بانتقالها على غيرها، وتزداد قوة إذا تهيأت لها ظروف خاصة، كما حصل ذلك في نهاية الحرب العظمى عام ١٩١٨ إذ وجدت الإنسان ضعيفاً جائعاً منهوك القوى والأعصاب ففتكت به، ومات بالنزلة الوافدة في العالم عدد يفوق عدد من مات في ميادين القتال.

هنا تكون وبالا، وهنا تكون خطراً على العالم أجمع، حيث تنتقل مع المسافرين بسرعة الطائرات والسيارات.

وهذا النوع من النزلة الوافدة الوبائية يسمى عادة باسم الوطن الذي نشأ فيه، ففي عام ١٩١٨ كانت اسبانيا، وهي في هذا العام إنجليزية.

وكل الأخبار تدل على أن خطر هذه الوافدة الإنجليزية أقل بكثير من سابقتها الإسبانية. وأوبئة الوافدة تتشابه في مجموعها من حيث الأعراض. لكنها تتفاوت من حيث مضاعفاتها وخطرها على العموم.

ومدة حضانتها، أي من وقت العدوى إلى وقت ظهور أعراضها لا تزيد على اليومين.

أما أعراضها فزكام واحتقان في أغشية الحلق والمجاري الهوائية مع قشعريرة وحمى وشعور بتكسر في الجسم وعطس وسعال، وهي سريعة العدوى خصوصاً لأن اكثر الناس لا ينعكفون في دورهم عند الإصابة بها، بل يستمرون في مزاولة أعمالهم، يذهبون

<<  <  ج:
ص:  >  >>