للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المدرسة الابتدائية وتعليم اللغة الأجنبية]

للأستاذ عبد الحميد فهمي مطر

ورد في تقرير اللجنة التي شكلت بوزارة المعارف برياسة سعادة الوكيل المساعد لدراسة هذا الموضوع ما يأتي:

(تكاد تجمع نظم التعليم بالبلاد الأجنبية على أن ليس من المصلحة أن يبدأ الطفل تعلم لغة أجنبية قبل أن يلم إلماماً كافياً بلغته القومية وقبل أن تتسع مداركه لاستيعاب تلك اللغة الأجنبية

ويرجع هذا الإجماع إلى أن المسؤولين عن تربية الطفل يرون أن في التبكير بتعليمه لغة أجنبية إرهاقاً له وإضعافاً للغته الأصلية، وأن تعليمه اللغتين في وقت واحد يؤدي إلى عدم تمكنه من إحداهما. وهذا أن وافق دولة ما فالأحرى به أن يكون أكثر موافقة لمصر التي يختلف فيها تعلم اللغة الأصلية عن غيرها من الدول، وذلك لأن لغة الكتابة هنا غير لغة الكلام مما يجعل العبء أثقل على كاهل التلميذ المصري)

وورد في تقرير المستر مان الخبير الفني الذي رفعه إلى وزارة المعارف منذ أكثر من عشر سنوات بصفحة ٩٤ ما يأتي:

(ان العبء الثقيل الذي تضعه هذه المحاولة اللغوية الغريبة على كاهل الصبي المصري تتجلى لنا شدة وطأته بوجه خاص إذا راعينا ما بين نشوء الفكر في الذهن والتعبير عنه بالكلام من الاتصال الوثيق، لأن من الصعب كما لا يخفى إدراك ما إذا كان في الإمكان أن يوجد أحد هذين الأمرين مستقلاً عن الآخر. وعلى أية حال فإن من المؤكد أن توقيف تيار الفكر في الصبي بتكليفه التعبير عنه بوساطة لغة أجنبية لا بد من أن يعوق نمو ملكة التفكير فيه. وهناك ما يجعلني أعتقد أن الوسط الذي تنشر فيه لغتان من شانه أن يؤخر نمو القوى المدركة في الأفراد الذين يعيشون فيها حتى ولو كانت هاتان اللغتان حيتين وشائعتي الاستعمال، وعلى ذلك فإن بيئة الصبي المصري الدراسية التي تتغالب فيها لغتان إحداهما ميتة لا بد من أن يكون أكثر تعويقاً لنمو مداركه من الوسط انف الذكر. فبدلاً من أن تكون المراحل الأولى من تعليمه أطوار نمو طبيعية يكاد لا يشعر بها فأنه يراها شاقة إذ أنه لا يقضيها أحياناً إلا في الكدح في تحصيل قواعد كلامية)

<<  <  ج:
ص:  >  >>