للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال هنري سويت في كتابه: (دراسة اللغات العملية) ما يأتي:

بما أن اللغات ليست عقلية إلا في بعض عناصرها فإن تحصيلها لا بد أن يكون إلى حد كبير بطريقة آلية، والدراسة الآلية لا تحتاج إلى عقل مبتكر ولا إلى ملكة ممحصة ناقدة)

ومنذ سنوات طويلة نبهنا الخبيران الفنيّان: مان وكلاباريد إلى النقص المخيف في تكوين شبابنا وتنمية عقولهم في نواح متعددة أهمها في ملكات الابتكار والنقد والتفكير. وجاء في هذا العام مكتب تخديم الشبان بوزارة المالية فأثبت لنا ذلك النقص عن طريق الشركات التجارية والصناعية التي أقدمت على استخدام بعضهم فظهر لها عجزهم في كثير من الأمور. ولست أشك لحظة في أن سبباً هامّاً من أسباب هذا النقص يرجع إلى دراسة اللغات الآلية التي نركز فيها همنا وهم الطفل منذ أول اتصاله بالمدرسة من غير أن نفسح مجالاً ما لظهور تلك الملكات الضرورية وإنمائها! ويكفي أن ندلل على ذلك بأن الطفل بمجرد التحاقه بالمدرسة الابتدائية يصطدم بتخصيص ٢١ درساً من ٣٨ درساً أسبوعيّاً لدراسة اللغتين العربية والإنجليزية أي بمعدل ٤٦ في المائة تقريباً من وقته الدراسي، وهذا الوقت موزع بمعدل ٩ دروس للغة الإنجليزية و ١٢ للغة العربية؛ أي بنسبة ٢٤ في المائة للغة الإنجليزية و ٣٢ في المائة للغة العربية. فأين تجد المدرسة وقتاً (بعد صرف هذا الوقت كله) للبحث عن ملكات التلميذ الضرورية وتشجيعها وإنمائها والعمل على تكوينه التكوين الصحيح الملائم؟

فإلغاء اللغة الأجنبية من المدرسة الابتدائية إذن يرفع عن كاهل الطفل المصري المبتدئ في التعليم عبئاً ثقيلاً ينوء به، شهد بوجوده العلماء والخبراء وأحس بثقله الكثيرون من رجال التربية والتعليم في مصر، وأقرت بقيامه اللجنة الرسمية التي درست هذا الموضوع. وإلغاء اللغة الأجنبية من المدرسة الابتدائية يمكن المدرسة من إصلاح حالها في مواطن متعددة لأنه يعطيها فرصة واسعة للعمل مع زيادة تثقيف أبنائها في شتى النواحي القومية والخلقية، كما أنه يساعدها على اتباع أصول التربية وقواعدها المهملة إلى اليوم بين جدرانها. إذ المدرسة في جميع بلاد العالم لا تقف عند واجب التعليم فقط كما هو الحال عندنا، ولكنها تتعدى ذلك إلى أمور تتصل بحياة الطفل وبمستقبله اتصالاً وثيقاً وتؤثر في نفسيته وتكوينه تأثيراً عميقاً يجعل المدرسة الحديثة تنكر نفسها إذا هي أهملتها أو أنقصت

<<  <  ج:
ص:  >  >>