للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كفاءة هتلر الخطابية]

للأستاذ عباس محمود العقاد

(يصدر في هذا الأسبوع كتاب جديد لصديقنا الأستاذ الجليل

عباس محمود العقاد عنوانه (هتلر في الميزان)، وهو دراسة

تحليلية مستفيضة لهذا الطاغية الشاذ بلغت مائتين وأربعين

صفحة في خمسة فصول وعشرات من الموضوعات شملت

نواحي هذه الشخصية التي بلبلت العالم وزلزلت الأرض.

ويسرنا أن نبادر فنقدم إلى قراء الرسالة هذه الصفحات من هذا

الكتاب القيم لنعجل لهم بعضاً من لذاته، ونعرض عليهم وجهاً

من طريقته)

في كل شهرة خطابية منافذ للمبالغة والإطناب لا بد منها في كل زمان، وفي زماننا الحاضر خاصة

ومنافذ المبالغة والإطناب هذه تأتي من مصادر متعددة: بعضها بريء وبعضها متهم، ومنها المقصود المدبر، ومنها الذي يحدث على غير قصد وتدبير

فأول مصادر المبالغة والإطناب جمهور السامعين، وهم كدأب الجماهير يحبون أن يتأثروا وأن يخلقوا لأنفسهم دواعي الحماسة والمغالاة، وأن ينوموا أذهانهم تنويماً يسهل لهم أن يعتقدوا ما يحبون اعتقاده، وأن ينساقوا في موجة من الشعور لا تطيق الحدود، ولا تقف دون الإعجاب الكامل. لأن الوقوف عند حد من الحدود المعقولة يفسد الحماسة، وليس إفساد الحماسة مما تطيقه الجماهير.

وهي، أي الجماهير، طبقات من هذه الخليقة: ترتفع أو تهبط، وتعتدل أو تجمح مع الشطط، على حسب موقفها من الخطيب وموضوع الخطابة.

فإذا كان موضوع الخطابة نعرة قومية أو شهوة عدائية يشترك فيها الخطيب والسامعون،

<<  <  ج:
ص:  >  >>