للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحياة الأدبية في الحجاز]

نهضة الشعر

للأستاذ أحمد أبو بكر إبراهيم

(بقية ما نشر في العدد الماضي)

سمع هؤلاء الشعراء هذه الصيحة التي صاح بها أدباء المهجر في وجه التقليد فاستجابوا لها لأنهم وجدوا دعوة إلى الصراحة والتعبير عن النفس في وضوح وجلاء؛ والعربي أقرب الناس إلى هذه الصراحة، كما وجدوا فيها خروجاً على التقليد الذي قعد بهم عن الرقي الزمن الطويل، ولهذا صاح كثير منهم في الحجاز في وجه التقليد ودعوا إلى مثل هذه الدعوة التي دعا إليها جبران فقال أحدهم: (بعض من شبابنا الأدباء وبعض من قراء (الكتب القديمة الجامدة) يقرض القطع الشعرية البديعة الناصعة، ناصعة والحق يقال. ولكن ماذا يضمنها من الأفكار؟

ينظمها في الخمريات وفي الغزل وفي المديح وفي الحماسة وفي الحكمة، وكل هذه من الأفكار الميتة التي دفنت مع عصور. . . فلا تصلح لنا. . .

وقال: (أمامنا الوطن، أمامنا العادات والأخلاق، أمامنا الحرية بأنواعها، أمامنا الشرق الكسول، أمامنا التغني بأمجاد الشرق، أمامنا العرب بحالتهم السياسية، أمامنا الغرب باختراعاته)

هذا هو الروح الجديد المتوثب الذي سرى في شباب المدرسة الحديثة في الحجاز، ولعل القارئ يدرك التشابه بين هذا الروح واتجاه أوباء المهجر، بل لعله مدرك التشابه في الأسلوبين وطريقتهما.

ولما كان أدباء المهجر أحراراً في كل شيء، متمردين على القيود القديمة والأغلال المتوارثة، فقد بدأ هذا التحرر في القافية وطريقة الوزن الشعري والموضوعات والمعاني والأخيلة، ومن ثم تابعهم شعراء الحجاز المجددون في كل هذا: فالكثرة الغامرة من قصائدهم لا تتبع قافية واحدة، والمربعات والمخمسات والدويبت والموشحات تفوق عندهم القصائد وتربى عليها. ونحن نسوق هنا مثلا من الطرق التي يتبعونها في قافيتهم. فمما جاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>