للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٤ - حسن البنا الرجل القرآني]

بقلم روبير جاكسون

للأستاذ أنور الجندي

. . . أعتقد أن حسن البنا كان أهلا للمكان المرموق، والزعامة الحقة التي وصل إليها. . فقد كان تركيبه الجسدي والفسيولوجي، وأخلاقه وشمائله، وعواطفه وأشواقه. . وذكاؤه وعبقريته، ودهاؤه وحيلته، وقدرته على مواجهة الظروف والأحداث.

كان الرجل يفهم دعوته التي يدعو إليها على أوسع نطاق، وكان يؤمن بها أصدق إيمان، وكان يراها وسيلة إلى تحقيق وحدة الشرق، وتحريره، وخلق جيل جديد، يكسر قيود الاستعمار ويحرر الأوطان، وينفذ في الأرض شريعة الحق. . .

كان الرجل علما على دعوته. . ذلك أنه ليس من اليسير أن ندرس فكرة منفصلة عن قائدها، بل إننا لا نعتقد أن هناك رسالة يمكن أن تنفصل عن الداعي إليها، أو تقوم بعده على الوجه الذي رسمه لها. . .

فهي جزء منه وهو جزء منها، أو هما شقان للحقيقة الخالدة القائمة التي تنتظم نفوس التابعين له، أو المنضوين تحت لوائه. . .

وليس شك أن الزعماء والقادة هم أوعية المبادئ والبرامج والمذاهب. . هذه المبادئ التي ليست إلا كلمات منثورة في بطون الكتب، ليست العبرة بنصوصها بقدر ما تكون العبرة بالقائمين عليها وتنفيذها.

وعلى قدر إخلاص الداعية لمبادئه، وتطبيقها على نفسه، وعلى قدر صلابة عزيمته في تنفيذها وتطبيقها يتوقف نجاحهم.

أنا أؤمن بأن مبادئ الإخوان مرتبطة إلى حد كبير بذلك الرائد الأول الذي رسم خطوطها، وأقام بناءها حجراً حجراً. . فإذا ما قضى فأنا لا أستطيع أن أحكم على مدى اتجاه هذه المبادئ إلا بعد وقت طويل. .

لم يكن الرجل القرآني، فيما علمت، يسعى إلى فتنة، أو يؤمن بالطفرة. . ولكنه كان يريد أن يقيم مجتمعا صالحاً قويا حرا، وينشئ جيلا فيه كل خصائص الأصالة الشرقية. .

لقد ظهرت حركات إصلاحية كثيرة خلال هذا القرن. . في الهند ومصر والسودان وشمال

<<  <  ج:
ص:  >  >>