أفريقيا. وقد أحدثت هزات لا بأس بها ولكنها لم تنتج آثاراً إيجابية ثابتة.
وقد جاء هذا نتيجة لعجز بعض المصلحين عن ضبط أعصابهم عن مواجهة الأحداث واندفاعهم إلى الحد الذي وصل بهم إلى مرتبة الجرح قبل أن يتم البناء، كما جاء أثراً من آثار عزوفهم عن الاتصال بالشعب وتكوين رأي عام مثقف.
اختفت هذه الدعوات، وبقيت عبارات على الألسن، وكلمات في بطون الكتب، حتى قيض لها أن تبعث من جديد، وأن تستوفي شرائطها ومعالمها. . وأن تأخذ فترة الحضانة الكافية لنضوجها، وأفاد الرجل من تجارب من سبقوه، ومن تاريخ القادة والمفكرين والزعماء. . الذين حملوا لواء دعوة الإسلام، ولم يقنع بأن يكون مثلهم. . ولكنه ذهب إلى آخر الشوط، فأراد أن يستمد من عمر وخالد وأبي بكر. فأخذ من أبي بكر السماحة ومن عمر التقشف. . ومن خالد عبقرية التنظيم.
وربط خصومه بينه وبين الأحداث العالمية، فأتهم في حادث اليمن، ونسب إليه شيء من جهاد إندونيسيا. وكان له أثره في حوادث فلسطين.
وكان له موقف إزاء معاهدة صدقي بيفن، وموقف عندما اتجهت مصر إلى مجلس الأمن. .
كان حسن البنا لا ينام إلا بضع ساعات. . ثم ينفق وقته كله ساعة ساعة، ولحظة لحظة. . في العمل المتصل، وكان عقله مثلا رائعا للإعداد والابتكار والإنشاء. . الذي لا يقف ولا ينقطع، فهو إذا أصبح الصباح يكون قد أعد قائمة بالأفراد الذين يهمه الاتصال بهم. . ويحظر إلى مكاتب العمل قبل الموظفين. . ويظل يتنقل بين المركز والجريدة. . والشباب والمنزل، وفي كل مرحلة يؤدي عملا والتليفون يلاحقه. . وفي خلال ذلك يتحدث مع الناس، ويستمع إليهم، ويخطب، ويقرأ الصحف، وتعرض عليه عشرات الأوراق التي تتطلب رأيه، والخطابات التي ترد من أنصاره العديدين، في مختلف أنحاء العالم، وهي غالبا ما تكون مشفوعة بشيكات أو حوالات مالية. .
. . لقد رأيته وهو يقرأ خطابا من شاب من أتباعه، قد أرفق به نصف راتبه الشهري. . . وفجأة، تساقطت دموعه على الخطاب فبللته. . ورأيته وهو يودع بعض أنصاره المسافرين إلى خارج مصر، وهو يرسل نظراته الحادة في وجوههم المشرقة المحتفرة. .
وكان هذا العمل المجهد يزيده قوة. .، وكان لقاء أتباعه الذين يردون من مختلف أنحاء