حينما يذكر هذا التعبير (نماذج بشرية) تتواكب على النفس، وتخطر في الخيال، عشرات أو مئات أو ألوف من السحن المتمايزة، والملامح المتغايرة. سحن الأجسام والطبائع، وملامح النفوس والجوارح، من هؤلاء البشر الذين نلتقي بهم في الحياة اليومية، أو نسمع عنهم في القصص والتاريخ، أو نستشرف إليهم في الأساطير والخيال
وكل نموذج من هذه النماذج (أصيل) في بابه - حين ننظر إلى الحياة بعين فنان - وكلها جدير بأن (يسد خانته) ويؤدي دوره على المسرح الحافل الرحيب الذي تعرض فيه الحياة شتى النماذج وشتى الأدوار.
فإذا أردنا أن نضيق من هذه النظرة، فننظر بعين الفرد الإنساني ورغباته وميوله وما يحب في هذه الحياة وما يكره من الطبائع والأشكال؛ فلنا حينئذ أن نحب نموذجاً ونؤثره على نموذج؛ ولكن ليس لنا أن نطلب من النماذج الأخرى جميعاً أن تستحيل إلى المثال الذي نحبه؛ لأن في هذا تضييقاً لمسرح الحياة!
ولكن الأستاذ (مندور) كما يستهويه لون واحد من ألوان الأدب، لا يفرق بين الجيد والرديء من أمثلة، ما دام الجيد والرديء فيه ملونا بهذا اللون الخاص الأثير عنده المحبب لديه. يستهويه كذلك لون واحد من ألوان النماذج البشرية، وهو (الشخصيات المهموسة) التي لا تجهر مرة واحدة في حياتها، والتي تنزوي دائماً وتتضاءل وتتفانى وتخنس، والتي يتوافر فيها الحنان أو الحنين في همس واستخفاء
ولقد كتب في مجلة الثقافة بضع مقالات يستعرض فيها أعمالا في القصة والرواية لأدباء مصريين وأوربيين. والقارئ لهذا الاستعراض لا يحتاج إلى كبير عناء ليعرف أن آثر شخصية من شخصيات القصص قد أنس إليها وأحبها، وأطنب في عرضها والتذ هذا الإطناب. هي شخصية (فيليستيه) التي صورها الروائي الفرنسي الكبير (فلوبير) في قصة بعنوان: (قلب ساذج)
تلك الشخصية التي يقول عنها هو: (في عنوان القصة، وفي اسم البطلة ما يشخص هذا