كانت حانة درا كتوس فيما مضى مجمعاً للأدباء والوجهاء يلتقون فيها كل مساء يقضون شطرا كبيرا من الليل يتحدثون في مواضيع شتى ويتبادلون النوادر والفكاهات. وكان بعض الكتاب يحرر فيها مقالاته آلت ينشرها في الصحف. ومن هؤلاء محمد بك المويلحي صاحب جريدة مصباح الشرق التي كانت تصدر وقتئذ. وكانت بينه وبين الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد عداوة شديدة وخصومة عنيفة وكانا يتبادلان الشتائم والسباب على صفحات جريدتهما.
وقد حدث في ذات ليلة من ليالي أكتوبر سنة ١٩٠٢ بينما كان المويلحي جالساً مع بعض أصدقائه أن دخل شاب من أبناء الأغنياء اسمه محمد نشأت فداعبه المويلحي كعادته فما كان من هذا الشاب إلا أن رفع يده وهوى بها على خد المويلحي.
فانتهز صاحب المؤيد هذه الفرصة واخذ يذيع خبر هذا الحادث بين الناس ويكب عنه في جريدته مظهراً الشماتة والسخرية بعدوه اللدود محمد المويلحي. فنشر مرة تحت عنوان (تنصرت الأشراف من أجل لطمة) مقالاً جاء فيه (فخرج جيله الأيهم من دينه ولم تخرج أنت من جمودك، فإن كان ذلك لحلم منه وأنت في الحان فما معنى هذا الغضب وأنت في دارك بين الجدران؟).
وقد فتح للشعراء باباً سماه (عام الكف) فشرع هؤلاء يتسابقون في نظم المقطوعات التي تفيض بالهزء والسخرية.
وقد اعترض أحد الشعراء عل قولهم (عام الكف) واقترح أن يطلق عليه (عام القفا). قال:
سموه عام الكف وهو الذي ... يؤخذ من معناه أن قد كفى
ما هو عام الكف لو انصفوا ... لكنه في الحق عام القفا
فهو هنا يبين وجهة نظرة في اقتراحه فيقول أن الكف مصدر كف عن الشيء بمعنى تركه وارتد عنه. ولو انهم وقفوا إلى الصواب في نظر هذا الشاعر لدعوه (عام القفا) ولكن يرد عليه بان المويلحي لم يضرب على قفاه وإنما لطم على خده فذكر القف هنا أمر لا محل له.