للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نساء عرفن في زمن النبي]

للأستاذ ناصر سعد

هذه نبذة مختصرة عن نساء عرفن في زمن محمد (ص) منهن من اشتهرن بعمل خير أفدنه به فتركن لأنفسهن أحمد الأثر بنفسه فاثنى عليهن. . ومنهن من دعون لإيذائه ومحاربة دينه الحنيف الجديد فتركن لأنفسهن أسوأ الأثر بنفسه وغضب الله عليهن ورسوله؛ ولا ريب في أن الخيرات منهن اندفعن وراء إخلاصهن للرسول العظيم ووراء إيمانهن بدينه الجديد فأتين بما يبهر من الأعمال وخلدن أسماءهن فرقين مكانة عالية في الإسلام والتاريخ تحفز المرأة الحديثة إلى اقتفاء آثارهن والتحلي بصفاتهن الحميدة؛ وأما الأخريات اللواتي دعون لإيذائه ونبذ دينه فقد أندفعن وراء عصبيتهن لغشاوة كانت ترين على قلوبهن حتى تبين للبعض منهن الحق من الباطل فيما بعد، فتسرب الإيمان إلى قلوبهن وأسلمن وعدن يحمدن الإسلام مكفرات عما سلف من أعمالهن فعفا عنهن الرسول (ص). ومن أولئك النساء:

آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أم النبي (ص) حملت به فكان كل ما في الدنيا بهيجا بعينها، تبتسم لها الحياة فتبتسم لها، وليس يسعد المرأة أكثر من مولود تضعه بعد مشقة الحمل والولادة إذ يهون عيها كل ألم لابتسامة تنظرها من مولودها الذي تضع فتحنو عليه وتحبه، لأن بهذا الحب سر الوجود والحياة، وما زالت الحياة تبتسم لإبنة وهب حتى ذهب عنها شريك حياتها عبد الله بن عبد المطلب وهي ما زالت تحمل جنينها - على أصح الأخبار - فبدت في سماء حياتها سحابة سوداء أزالت عن ثغرها تلك الابتسامة والبهجة، وملأت قلبها عزماً وحزماً صممت بهما أن تربي مولودها المرتقب خير تربية ليمحو ما بقلبها من الحزن بدعابته وابتسامته، فولدته وعلى محياه سيماه النبوة، وأرضعته بلبان الشرف والسؤدد. ثم إنها أما لضعف اعترى صحتها أو لعادة كانت جارية آنذاك أرضعت وليدها من ثويبة مولاة أبي لهب التي أرضعت عمه حمزة (ض) ثم أرضعته أم كبشة حليمة بنت أبي ذويب السعدية التي أرضعت معه عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ولم تزل آمنة تجد بتربية ولدها بكفالة جده حتى ظهر من حسن خلقه وجمال طبعه - على صغر سنه - ما يدهش ويحير. فمن ذلك أنه لما كفاه عمه أبو طالب بعد وفاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>