للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٣ - التعليم في مصر]

للأستاذ عبد الحميد فهمي مطر

كل من استمع إلى بيان سعادة الدكتور طه حسين باشا وزير المعارف الأسبق في الإذاعة. أو أطلع عليه في الصحف، عن عبث الطلبة في المدارس، واستخفافهم بجميع القيم الخلقية والآداب المرعية، وما تبع ذلك من إغلاق جميع المعاهد التعليمية في البلاد، مما لم يعهد له مثيل من قبل، يعتقد بأن المدرسة المصرية أصبحت في مسيس الحاجةإلى إصلاح شامل، لا يقتصر على مناهجها، بل يتجاوز ذلكإلى نظمها بل إلى روحها، حتى لا تنتهيإلى الفشل في مهمتها. ولقد أصبح واجبا وطنيا على جميع كبار المربين، وعلى رأسهم الأستاذ الكبير معالي رفعت باشا وزير المعارف العمومية، بل وعلى جميع القادة والمفكرين أن يبحثوا وأن يفكروا تفكيرا عميقا في علاج هذه الحال الآسفة المؤلمة، التي تهدد الأخلاق بالبوار، وحياة الأمة كلها - لا قدر الله - بالدمار، والتي أتينا على وصف الكثير منها في مقالينا السابقين بمجلة الرسالة الغراء، ذات الأثر الفعال في العمل على إنهاض هذه الأمة

إن الواجبيقضي علينا أن نذكر زعماءنا وقادتنا بما نحسه من عيوب وعقبات في طريق نهضتنا، لنتعاون جميعا على إصلاح أنفسنا، وواجبنا أن لا نستصغر ما في هذا الأمر الجلل من خطورة، وأن نكون صرحاء فلا نداري ولا نماري لنأخذ الأمر بما يستحقه من جد، وأن لا يكون مثلنا مثل النعامة تغمض عينيها وتخفي رأسها في الرمال، ظنا منها أنها ستفلت بذلك من الصياد، فإذا به يداهمها ويقضي عليها

لقد كان حال مدارسنا قبل ثورة ١٩١٩، أي منذ ثلث قرن من الزمان غير حالها اليوم، كان حالها يملأ نفوس طلابها احتراما لها وتقديسا، وكانت نفوس الفتية تمتلئ تقديرا للأساتذة وتقدير للمسؤوليات الملقاة عليهم، ولكن تلك النفوس الفتية كانت كذلك تمتلئ رهبا من النظار وكثير من الأساتذة، فكنا نأخذ على المدرسة ما فيها من شدة وقسوة ورهبة، كما كنا نأخذ عليها ما فيها من بعد عن الحياة الطبيعية في روحها وفي نظامها، ولكن الجد والاحترام والتقديس كانت أسساً تقوم عليها الحياة المدرسية كما هو الحال اليوم حياة المدارس الأجنبية التي بين ظهرانينا، فماذا جد في مدارسنا في السنين الأخيرة، حتى بعد أبناؤها عن الجد والوقار، وركنوا إلى العنت والاستهتار، مما اضطر الكثيرين من الزعماء

<<  <  ج:
ص:  >  >>