والكبراءإلى أبعاد أبنائهم عنها، والإلقاء بهم في أحضان المدارس الأجنبية، التي لا شك في أنها تضعف القومية، ويوهن بعضها في نفوس أبنائنا العقيدة الوطنية والدينية، فكيف نغفل طوال السنين عن الفارق الكبير بين مدارسنا وبين تلك المدارس الأجنبية، ذلك الفارق الذي جعل منها مدارس ممتازة يفضلها الآباء الموسرون، ويحبها ويؤثرها على غيرها الأبناء المدللون. إن هذا الفارق واضح في نظمها وبين فيروحها التي تشيع المحبة والتعاطف والتعاون بين أساتذتها وطلابها، فهلا درسنا ذلك وتأملناه وعملنا له في مدارسنا وكلياتنا؟
إن المدارس الأجنبية تستخدم العصي أحيانا في تأديب التلاميذ الذين عز عليها علاجهم، ومدارسنا منعت فيها عصى التأديب من زمن بعيد، ومع ذلك ترى الناشئ في المدرسة الأجنبية التي تهوي بعصاها عليه أحيانا يحترمه ويقدسها، أما عندنا ف. . . . . . .، ولم يبق لدينا اليوم غير كلية واحدةأو كليتين، ومدرسة ثانويةأو مدرستين هي التي حافظت على كيانها ولم تتأثر كثيرا ما جرى في مختلف الكليات والمدارس، فحفظت توازنها واحترام طلابها لها. أعتقد أن كلية الطب من بين الكليات، والمدارسة الثانوية النموذجية هي من بين المدارس الثانوية التي لازال الجد والوقار يحف بهما في عملهما، ولما يتسرب إليهما الفساد الذي سرى في غيرهما، وأسأل الله أن يحفظهما من هذا العبث. فهلا تعرفنا الأسباب الحقيقية لذلك علنا نرسم الخطة المثلى للعودة بالمدرسة المصرية إلى جدها ووقارها!
إن الجفوة بين الطالب وكليته وبين التلميذ ومدرسته، كما وأن الجفوة بين المدرسة المصرية والبيئة المحيطة بها، هاتان الجفوتان اللتان تميزت بهما مدارسنا جفوتان قديمتان، نبهنا إلى علاجهما من زمن بعيد في تقاريرنا وفي مقالتنا وفي كتابنا (التعليم والمتعطلون في مصر) الذي أصدرناه منذ ثلاثة عشر عاما، وقد جاء في مقدمته: (عملت بين جدران المدارس زمانا طويلا، كنت أحس فيه أن المدرسة التي عملت فيها تلميذا، والتي عملت فيها مدرسا، والتي عملت فيها ناظرا، لم ينلها شيء محسوس من التغيير، ولم يتطرقإلى روحها شيء من التجديد، فهي لا زالت تسير على نفس الوتيرة القديمة، مليئة بنفس الروح القديمة، يحس تلميذها إذا ما دخلها بانقطاعه عن العالم وما فيه، إلى شبه سجن غير محبوب إذ لم يوصف بأنه مكروه، ولكنالجميع ظلوا يكتبون عواطفهم إزاءها، لما تجلبه من