خير الوظيفةإلى طلابها بعد نيل شهادتها، ظلت المغريات القديمة تدفع الناس دفعاً للسعي إليها)
وجاء في تقرير رفعته إلى معالي وزير المعارف في مارس سنة ١٩٢٨ ما يأتي:(فالمدرسة الابتدائية وكذا الثانوية لا زالت منفصلة تماما عن البيئة المحيطة بها، يدخلها التلميذ فيتصور أنه في عالم أخر غير عالمه الذي يعيش فيه، ونظرية حشو الأدمغة بالمعلومات البعيدة عن الحياة العملية لا زالت متجسمة في المنهج الجديد تجسمها في القديم، ولا زال كثير من التلاميذ يبغضون المدرسة وذكرها وكل ماله مساس بها)
وجاء في صفحة ١٨ من مؤلفي السابق الذكر في الكلام عن المستر دنلوب الذي ظل مستشارا للمعارف اكثر من ربع قرن من الزمان في بدء الاحتلال ما يأتي:(بهذه الطريقة أوجد دنلوب بين جدران المدارس نظاما عسكريا جافا شديد، إذ اصبح خير نظار المدارس ذلك الذي يقلده في كبريائه وشدته، فاجتهد كل ناظر إن يقسو القسوة كلها على مرءوسيه وتلاميذه، وحاول المدرس بدوره إن يعامل أبناءه بمنتهى الشدة والجفاء، وأن يبتعد عنهمويتكبر عليهم ما أمكنه الابتعاد والكبرياء، حتى أصبحت العلاقة بين المدرس وتلميذه علاقة عداوة وشحناه، لا عطف فيها ولا مودة ولا هوادة، كل يتربص بصاحبه الدوائر ويحاول إيذاءه بمختلف الوسائل. . . الخ)
ولقد ظل الحال كذلك والمستعمر ينفث سمومه في التعليم، حتى افسد جوه ونجح في تبغيض الأبناء في المدرسة وكل ما فيها، لكن هذا الشعور ظل مكبوتا زمنا حتى ثارت البلاد ثورتها سنة ١٩١٩ تطلب حريتها، فبدأ التلاميذ يتمردون على المدرسة، وبدأ شعور الكراهية يظهر شيئا فشيئا ويزداد ظهورا كلما ضغط المستعمر على البلاد، وحاول إخضاعها للحديد والنار، وجاء دور الحزبية التي شجعها المستعمر فلعبت بعقول التلاميذ والطلاب، وزادت نار الحقد والكراهية أوارا حتى صاروا في شبه ثورة جامحة على المدرسة ونظمها وتقاليدها وكل ما فيها، وفقد الأساتذةسلطانهم الروحي والعلمي عليهم، خصوصا بعد أن اضطرتنا ظروف نشر التعليم المفاجئة السريعة أخيراإلى الالتجاء إلى كثير من المدرسين الحديثين، الضعاف في مادتهم والضعاف في أساليبهم وسلطانهم الروحي العلمي.