ولو أن المدرسة كانت محببة إلى أبنائها، ولو إنها كانت متصلة اتصالا وثيقا ببيئتها متفاعلة معها، وكان أساتذتها ذوي سلطان علمي قوي على تلاميذها، ووجد فيها التلاميذ الغذاء العلمي والروحي الذي يطمئنهم ويرضي نفوسهم كما هو الحال في المدارس الأجنبية وفي كلية الطب وفي المدارس الثانوية النموذجية ما فعل الطلبة بمدارسهم هذه الأفاعيل، لما استباحوا أنفسهم حرمانها وعبثوا بمقدساتها، ولو أن المدارس الأجنبية في مصر والمدارس الثانوية النموذجية وكليات الطب كانت غير محببة لدى أبنائها، غير عابئة كغيرها بالاتصال بالحياة المحيطة بها، ذلك الاتصال الذي يجعل منها قطعة من الحياة، لما حرص عليها طلابها، ولفعلوا بها كل فعل غيرهم من الأبناء، فالكل مصريون والكل شعورهم واحد وبيئتهم واحدة
لهذا كله أدعو مجالس الكليات كما أدعو كبار المسئولين عن التعليمإلى دراسة أحوال الكليات والمدارس دراسة عميقة لجعل الحب والتشويق والاتصال المباشر بالحياة العاملة، والتعاون بين الأساتذة والطلاب أسسا حقيقية في حياة المعاهد التعليمية جميعها، وإلى العناية بالغذاء الروحي المقوم للنفوس والقلوب، والكفيل بتقويم الضمائر، ودفعها لحماية جميع المقدسات والحرمات، مع الحيلولة بين الطلاب والحزبية الممقوتة في سبيل القضاء على الفوضى والفساد والترهات، كما أدعو كبار المسؤولين من رجال المعارف إلى البحت والتمحيص في التقاء نظار المدارس والناظرات ممن حسنتسمعتهم وترفعوا عن الدنايا والموبقات، بل ممن ارتفعت شخصياتهم عن كل الشبهات، فهؤلاء خاصة يمكن أن يوجه الأساتذة التوجيه الصحيح، الكفيل بإصلاح حال الأبناء. والله أسأل أن يهدينا صراطه المستقيم، وان يوفقنا إلى استقامة حياتنا واستعادة مجدنا إنه نعم المولى ونعم النصير