في نيتي أن أريح قراء (الرسالة) من شطحات قلمي شهراً أو شهرين لأفرغ لواجبات أدبية لا يصح معها الانشغال بمواجهة القراء من أسبوع إلى أسبوع، وهي واجبات كواجبات القراء
وقبل أن أشرع في تناسي الشوق إلى قرائي، وهو تناس موجع، أصور لك ولهم ما وقع بيني وبين الأستاذ لطفي جمعة ليلة المناظرة بكلية الآداب، وكانت مناظرة عنيفة لا يزال صداها يقرع سمعي فيبدد ما أشتهيه من الأنس بالهدوء والصفاء
وما ذكرت تلك المناظرة إلا جزعت، وتولاني الندم على الاشتراك في جدال يضيق به صدر الغالب والمغلوب، لأنه لم يمض بلا هنوات مزعجات
ولهذه المناظرة تاريخ:
سألني فريق من أعضاء اتحاد كلية الآداب أن أشترك في مناظرات هذا الموسم، وعرضوا عليَّ طوائف من الموضوعات لم يرقني منها غير موضوع:
(يزدهر الأدب في عصور الفوضى الأخلاقية)
ولكني اقترحت أن يعدل فتوضع (الفوضى الاجتماعية) مكان (الفوضى الأخلاقية) فراراً من التجني على كلية الآداب باسم الغيرة على الأخلاق!
ومضت أيام وأسابيع، والاتحاد مشغول بالبحث عمن يناظرني من أساتذة كلية الآداب، ثم علمت أن الأساتذة لم يرقهم أن يناظروا (المشاغب الأكبر) على حد تعبير الدكتور هيكل باشا. وهل من العقل أن يتقدم أحد الأساتذة لمناظرتي وقد شاع وذاع أني أكبر المشاغبين؟!
هي تهمة ظالمة، كما تعرف، ولكنها حقت علي، وسأقضي بقية العمر في الدفاع عن نفسي، ولكن بلا نفع ولا غناء، لأن الناس عندنا يؤذيهم أن يصححوا رأيهم في رجل ظلموه بلا بينة ولا برهان!
وأخيراً، ظفر اتحاد الكلية برجل يناظرني. ولكن، أي رجل؟ كاتب مشهور كانت لي معه وقائع في بعض الجرائد والمجلات؟ فقلت في نفسي: هي مكرمة من مكرمات الأستاذ لطفي