[في الليل!]
للأديب عبد الرحمن الخميسي
(في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي. . . طلبته فما
وجدته)
(التوراة)
أسدَلَ الليْلُ ياَ حَبيبي سُتورَهْ ... ومَشَى في جَوَانِبِ المعَمُورَهْ
كاهِناً تْخفُقُ الشُّموُعُ عَلَى كَفَ ... يهِ حَيَرَي كَأَنَهَا مَذْعُورَهْ
حَالِماً يَعْقِدُ الضَّباَبُ حَوالي ... هِ أكاِليلَ في الدُّجى مَنْثُورَهْ
شَاعِراً يَنْقُلُ النَّسِيمُ أَغَانِي ... هِ وَتَنْدى جِوَاوِهُ الْمَسحُورَهْ
سَاحِراً يَبْهَرُ النُّفُوسَ وَيُلقِى ... بِعَصاهُ عَلى الرِّيَاضِ الشَّجِيِرَهْ
شَادِياً يُنْصِتُ الوُجُودُ لِمُوسِي ... قاهُ حَتى كَأِنَّها مَنْظُورَهْ
عَابِدَاً تَظْمَأُ الصَّلاةُ إِليهِ ... وَمَحَارِيبه السَّمَاءُ الكَبِيِرَهْ
ذَاهِلاً أَغْرَقَ الدُّنَى فيْ ذُهُولٍ ... مُسْتَحَبٍ إلى القُلُوب الكَسِيرهْ
صَامِتاً تَضْجَرُ المُرُوجُ بِنَجْوَا ... هُ وَلَكِنَّهُ وَسِيعُ السَّرِيرَهْ
سَاهِماً يَرْقُصُ الخَيَالُ حَوَالي ... هِ وَيُجْرِي الرَّبِيعُ فِيهِ عَبِيرَهْ
رَاحِماً يَلجَأُ الحَزِيِنُ إِليهِ ... بِشِكاَياتِهِ الدَّوَامِي المَرِيرَهْ
شَاعَ فيْ جَوِّهِ السُّكُونُ وَمَدَّتْ ... فِيهِ أَنْفاسَها النُّجُومُ المُنيرَهْ
وَجَرَتْ خَلفهُ الظُّنُونُ وَحَاطَتْهُ ... طُيُوفٌ مُجَنَحاتٌ سَحِيرَهْ
فَهوَ لِلْبَائِسِ الطَّرِيدِ عَذَابٌ ... يَمسَحُ الفَجرُ فيْ الفَضَاءِ سُطُورَهْ
وَهَوَ لِلعَاشِقِ الوَفيِّ سَمِيعٌ ... يَتَلَقَّى عَنْ حُبِّهِ أُسطُورَهْ
وَهوَ لِلشَّاعِرِ الكَئِيبِ مَلاذٌ ... يْنفُضُ الدَّمْعَ فيْ صُواهُ الضَّرِيرهْ
أَقْبَلَ اللَّيْلُ! آهٍ يَا وَيْلتاَ مِنْ ... مَقْدَمِ اللَّيْلِ لِلنُّفُوسِ الْكَسِيرهْ
أَقْبَلَ اللَّيْلُ! فاَسْتَيَدَّتْ بِقَلْبي ... حَسَراتٌ عَلَى عُهُودِي الَخْضِيرَهْ
وَسَرَى فيْ دَمِي حَنِينٌ وَشَوقٌ ... مُبْهَمٌ. . . آهٍ مَا أَشَدَّ سَعِيرهْ