ليس الغرض من هذه الكلمة تعبير شعراء الشباب بفقر ثقافتهم، ولكن الغرض منها هو التعاون العام بين من تعنيهم نهضة الشعر العربي، وبين أولئك الشعراء الذين تعتمد عليهم نهضتنا الأدبية كل الاعتماد في الأخذ بيد الشعر، وتجديده، والاتجاه به إلى الوجهات التي ظل الشعر العربي محروماً منها إلى اليوم
ونحن حينما ندعو إلى وجوب إحداث ثورة - أو نهضة - في الشعر العربي، نؤمن بأن الثورة - أو النهضة - ليست عبثاً يستطيع أن ينهض به أولئك المتأدبون الظرفاء الذين عرفوا بعض موازين الشعر. وقواعد العروض، فكان حسبهم من الشعر كله هذه المعرفة البائسة التي انقلبت في رؤوسهم غروراً ذميماً، وخيلاء لا تعرف التواضع، وأحلاماً تشبه أحلام الصائمين في هذا الزمان بالأطايب والأشربات!
لا يستطيع جاهل أن ينفع جاهل أن ينفع نفسه ولا أن ينفع أمته. . . ولا تستطيع جماعة من الجهلاء أن تضطلع بعمل يحتاج القيام به إلى علم وبصيرة وطول تجربة. . . وقد طالبنا شعراء الشباب بإحداث نهضة في الشعر العربي تشمله كله شكلاً وموضوعاً. . . فما راعنا إلا أن يظن أولئك المتأدبون الظرفاء أننا ندعوهم لهذا العمل، ونعتمد عليهم في القيام به. . . فأمطرونا بمئات كثيرة من هذياناتهم التي دعوها شعراً. . . ومع إعجابنا الشديد بعدد كبير مما وصلنا من المنظومات الشائقة من مصر ومن جميع الأقطار العربية إلا أننا لم نستطع منافقة أصحاب الكثرة الغالبة من المنظومات الأخرى التي تضطرنا إلى مصارحة إخواننا الظرفاء هؤلاء بوجوب النصح لهم بالانصراف عن قرض الشعر، ومعاطاة صناعتهم البائرة تلك، التي سوف تجر عليهم عقابيل من الحسرات لا قبل لهم بها. . . وليس في تعبيرنا بذلك الأسلوب قسوة على أحد. . . فالمسألة جد لا لعب. . . إنا مفتقرون إلى شعر جديد يشحذ من همة الأمم العربية، وترى فيه تلك الأمم آمالها ومطامحها، وترى فيه أدباً جديداً حياً سائغاً لا نقلد به العباسيين، ولا نمشي به في آثار الأمويين أو الأندلسيين. . . نريد شعراً تتجلى فيه شخصيتنا قوية مستقلة لها طريقتها