للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سلمى وقريتها]

للسيدة (آمي خير)

بقلم الأستاذ الكبير م. ع.

هذه قصة لبنانية بأشخاصها وأماكنها ووقائعها، فرنسية بلغتها، وقد كتبت في مصر، وطبعت في باريس.

واسم المؤلفة مركب من لفظين: ثانيهما عربي، وأولهما أعجمي بهمزة مفتوحة بعدها مدة فميم مكسورة فياء ساكنة.

كنت في مجلس بعض الأدباء، فجرى حديث هذه القصة فيما تناوله السمر، قال قائل منهم:

- من تكون مدام آمي خير؟

- إن كنت لا تعرفها فقد فاتك نصف عمرك.

- أواه، كم فاتني عمر كله، وكم فاتني نصف عمر!

- آمي خير سيدة تحدرت أرومتها من منابت الأرز في لبنان إلى أمومة لا تعرف الأرز ولا لبنانه، ونبتت في أحضان البحر الصغير في مدينة المنصورة، وربيت تربية فرنسية خالصة في هذه المدينة المصرية الخالصة.

هنا أخذ كل واحد من الجماعة يدلي برأيه غير منتظر تمام الحديث، فمن قائل: أن مؤلفة (سلمى وقريتها) لا يمكن ان تعتبر الا فرنسية، لأن صبغة الثقافة الفرنسية قوية جداً تصهر النفوس وتحيلها فرنسية مهما كان أصلها، الثقافة الفرنسية وريثة الثقافة اليونانية التي وجهت الفكر البشري توجيهاً يونانياً ودمغت بطابعها العلم والحكمة والدين.

أنظر إلى الكونتس (دي نواي) التي رزئ بها الشعر منذ قريب، لقد ماتت فرنسية، وعدت فرنسا مصابها مصاباً قومياً. والثقافة هي التي جعلتها فرنسية، لا الدم الذي كان يجري في عروقها. ومن قائل: ان الثقافة الفرنسية مهما قوى سلطانها فهي لا تستطيع أن تصنع شيئاً في الدم السكسوني وأن كان لقاحاً، ذلك الدم النزاع بجوهره إلى غير منازع الفرنسيين.

كان في المجلس شاب لبناني فأخذته حماسة الشباب وصاح: ودم لبنان؟ أليس للدم اللبناني حساب؟ إنا لنهفو إلى بعض الثقافات ونقلد بعض الامم، لكنا على ذلك ذوو عرق في الشرق عريق. .

<<  <  ج:
ص:  >  >>