لا نقصد بعنوان المقال تحديد الفن بعصر الإسكندر كما لا نقصد تحديده بمدينة الإسكندرية وحدها، وإنما المقصود بالفن الإسكندري أنه الإنتاج الفني في البلاد المصرية منذ تأسيس الإسكندرية سنة ٣٣٢ ق. م إلى نهاية حكم البطالسة، ذلك الفن الذي عرف أمره وتأثر به فن العالم القديم
وبالنظر إلى قلة ما تبقى من هذا الإنتاج وإلى ضآلة المواد العلمية التي يمكن الاستناد إليها، وإلى ما بين أيدينا من الآثار البطليموسية فإن تاريخ الفن الإسكندري بمعناه الشامل من الموضوعات العسيرة التي تجعل البحث ناقصاً قابلاً للنقص في بعض نواحيه؛ إذا ما ظهر من نتائج الحفر وما قد يعثر عليه من النصوص ما يميط اللثام عن بيانات واستنتاجات تغير ما تقرر حتى الآن
على أنه يمكن القول بأن ما بقي من التماثيل وبعض الآثار يعطي ما يفيد في هذا المجال، ويمهد السبيل إلى معرفة المدى الذي وصل إليه أثر الفن الإسكندري في الفن الإغريقي أو الهيليني
ومما لا يقبل الشك أن مدينة الإسكندرية كعاصمة للبلاد أنشئت وشيدت على نمط رائع من حيث التخطيط العام للمدينة ومن حيث تنظيم شوارعها ومبانيها التي عملت لأول مرة في هذا القطر من الطوب بطريقة هندسية جديدة في نسقها جميلة في مظهرها، ولاسيما أن حوائط المباني كانت مغطاة من الداخل بلوحات من المرمر زخرفت بنقوش من المعدن. وهذا كله نتيجة للرغبة في التمدين والعطش نحو الأبهة
وكان شغف الأمراء من أبناء البطالسة وتقديس الناس للآلهة خير دافع إلى إقامة المعابد الهائلة بحوائطها المزخرفة بالنقوش والكتابات، كما كان سبباً في إحياء فن النحت والتصوير، إلى حد أن كانت بعض التماثيل تعمل من الذهب والعاج في غاية من الدقة والجمال.
وبطبيعة جو الإسكندرية الأقرب إلى الجو الأوربي والخليط الذي كان يعيش في تلك