مؤلف هذا الكتاب من الشبان القلائل الذين عرفوا بالانكباب على معالجة الشؤون والمشاكل الإسلامية، يعالجها طوراً بالكتابة في صحف الشرق والغرب، وآونة بالخطابة على المنابر في المجامع. ولطالما قرأ له المصريون كثيراً من المقالات القوية في الصحف العامة تنبئ عن اهتمامه القوي بهذه الناحية. والمؤلف إلى جانب اهتمامه بالناحية الإسلامية (طبيب) دقيق النظرة. ولقد ظهر أثر تفكيره العلمي الصائب في كتابه الذي أخرجه هذا الشهر وهو: والذي يعد محاولة طيبة من الدكتور زكي علي، له الجزاء الأوفى عليها
ولقد أوضح المؤلف في مقدمته الدافع على ذلك فقال:(في سنة ١٩٣١ غادرت مصر إلى أوربة لأول مرة في بعثة طبية وقد كنت موظفاً كطبيب امتياز وطبيب تخدير في مستشفى قصر العيني بالقاهرة. . . ولم أكن أتوقع أن ستلح علي رغبة عنيفة لمسائل أخرى غير الطب. . . غير أني اكتشفت أن في أوربا جهلاً مطبقاً وعدم إدراك للإسلام. ذلك الدين الذي أومن به، وألفيت أن العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي في حال من المرض الشديد تستأهل بحث أسبابها ومعالجتها) ولم يحاول المؤلف أن يأتي بآراء جديدة في سفره هذا، ولم يعمد إلى محاولة ذلك عمداً، بل لقد ذهب يعرض آراء الغربيين عرضاً دقيقاً ويستخلص من ثنايا كتاباتهم عن الإسلام ما يدحض به كل شبهة تحك في نفس أحدهم، فهو يرى أن النظام الديني والاجتماعي في الإسلام ليس بالضيق أو ما يشتم منه ريح التزمت والجمود، بل إنه في جوهره مرن، كما أنه يعمل على النهوض بالحياة الإنسانية
ويستعرض المؤلف في كتابه هذا حياة الرسول لأنه يرى أن لا بد لدراسة هذا الدين وتفهم مراميه من تفهم حياة صاحبه , وتلك هي الطريقة التي سار عليها سير أرنولد في كتابه فلقد مهد لانتشار الإسلام بفصل عن (محمد كداعية) وفائدة هذا أن يربط القارئ بين المظاهر العامة والذاتية في حياة الرجل الذي حمل عبء الرسالة وأداها صادقاً أميناً، وكان في حياته الخاصة والعامة المثال الكامل للإنسان الفاضل، والصورة الواضحة الحق للرسول والنبي المبعوث، وما كان ينطق عن الهوى (إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد