للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القوى)

ثم يعرض المؤلف للإسلام من حيث هو دين ونظام اجتماعي يربط بين الطبقات ويوحد بينهما ويتجه بمراميها إلى الغاية المنشودة من الرسالة، ولقد كتب أحد المستشرقين مرة يقول (إن حياة الشرق تتمثل في كتابين لا ثالث لهما، أما أولهما فالقرآن، وأما ثانيهما فكتاب ألف ليلة وليلة). . . كذلك يتجلى طابع الإسلام الحق وجوهره الخالص من كل زيف أو شائبة في القران وهو (كتاب اضطم على مبادئ القانون الإسلامي العام: فهو قانون لدين اجتماعي مدني تجاري حربي فقهي خلقي تشريعي سياسي؛ وهو بعد ذلك كتاب له تأثيره الدائم على أذهان المؤمنين الذي هيهات أن يتنكب بهم الطريق لو أنهم ثابروا على اقتفاء خطاه وأوامره، وليس في هذا الكتاب ما يناقض العقل) بل إنه ليشجع الاجتهاد والتخريج. ثم يعرض المؤلف للجهاد (ص ٣٣) فيرى أنه حرب دينية دفاعية، والجهاد شرعا الحرب في سبيل الدين والذب عن حياضه، وإدخال القوم الجاحدين به في شريعته.

ويتناول الدكتور زكي نظام الحكومة والدولة في الإسلام وهو من النواحي الهامة في تاريخ هذا الدين كان له أثره البعيد في آسيا وأفريقية، فيتعرض للجزية والزكاة والخراج، وهي الأسس الاقتصادية التي تقوم عليها الحكومة في الدول الإسلامية، ويرى المؤلف أن الجزية ليست ضريبة تستؤدى من أهل الذمة كعقاب لهم بل إنها كانت نظير القيام على حفظ حقوقهم وبدلاً من قيامهم بالخدمة الحربية المفروضة على كل مسلم (ص ٥٥)، وإن مرمى النظام الإسلامي وغايته ومجهوده أن يمد العون للنوع البشري ليوفر به أسباب الراحة الروحية، ويرقى به في سبيل الكمال والسعادة.

ومن الفصول القوية التي دبجها الدكتور زكي علي فصله عن تطور الإسلام وهو يلم فيه بما انتاب الإسلام والمسلمين من أهوال جسام في عصور التاريخ المختلفة، فلقد اشتدت عداوة المغول له فقاموا بتدمير مراكزه الكبرى في قسوة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً حتى ليكاد ينكرها من يقرأها بعد حدوثها كما يقول ابن الأثير، وإن الدارس لتاريخ المغول في الشرق والمماليك في مصر ليرى هذه الضراوة الشديدة من ضراوة التتر ومحالفتهم لدول الغرب المسيحية للقضاء على الإسلام ممثلاً في دولة المماليك، ولم يخفف من حدتهم هذه إسلامهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>