نشب الجدل أخيراً في الصحف والمجلات حول ما رآه معالي وزير المعارف مرسي بدر بك وقرره، من منع بعثات البنات إلى الخارج، وإلغاء الرقص التوقيعي في مدارس البنات، وقد انقسم الكاتبون والمعقبون إلى معارضين ومؤيدين، واتخذت بعض المجلات هذا الموضوع مجالاً للفكاهة والتندر. وقد اشتملت حملة المعارضين لمنع البعثات على مغالطات واندفاعات وجانبت القصد وجاوزت الاتزان.
لقد أفضى معالي الوزير بوجهة نظره فقال: إني لا أوافق على إيفاد بعثات بنات إلى الخارج ما عدا لندن لوجود بيت خاص للطالبات بها وتقوم بالإشراف عليهن مربية فاضلة ترعى مصالحهن وتشرف على تصرفاتهن، أما إلى أي بلد آخر فلا أسمح بذلك مطلقا. وإذا كنت أنا وزير المعارف لا أسمح بأن أرسل ابنتي إلى سويسرا أو فرنسا بمفردها دون رقيب، فلهذا لا أسمح بإرسال فتيات للخارج أنا مسئول عن سلوكهن دون أن يوجد من يشرف عليهن.
هذا كلام (رجل) يمسك الزمام ويقدر المسئولية العامة كما يقدر المسئولية الخاصة. ولا شك أن الذين يعارضون - ولندع السيدات جانباً - إنما يسترسلون في حملتهم غير شاعرين بشعور الرجل الحر المسئول عن أخواته وبناته، وإلا فكيف يتفق هذا الشعور وأن يرسل الرجل ابنته إلى بلاد كفرنسا أو سويسرا لتعيش هناك كالغزال الشارد في مجتمع يستبيح كثيراً مما نحظر؟ وإذا كنا لا نسمح للفتاة التي تأتي إلى جامعة فؤاد من غير القاهرة، أن تعيش وحدها من غير رعاية أقارب ورقابتهم لها، فكيف نرسلها إلى باريس مثلا بمفردها دون رقيب أو موجه؟ أخشى - إن فعلنا - أن تعود إلينا فتتحدث عن مغامراتها هناك كما يتحدث الفتيان. . .
وأعجب العجب أن يذكر أولئك المعارضون في هذا الصدد، التقدم والرجعية والعلم والجهل، ويبدون خجلهم مما يقوله عنا الأجانب. . . إلى آخر هذا الكلام المعروف. وليست أدرى ما الذي جرى للعلم والتقدم بهذا الإجراء الذي لا يقصد منه إلا تنظيم الخطة والحفاظ