نشرت مجلة الباريسية عدة فصول ممتعة عن بلاد العرب والرجال الذين يقودون الحركة العربية في هذه الأيام. وقد قدمت تلك الفصول بكلمة قالت فيها: إن هذه الحركة ذات الأثر الفعال في مركز الإمبراطورية البريطانية يقودها سبعة أشخاص كل منهم يعد نفسه أولى بالملك والزعامة في بلاد العرب. وقد نقلنا عنها في عددين سابقين ما كتبته عن الملك ابن السعود بعنوان (نابليون العرب). وما كتبته عن الأمير عبد الله بعنوان (هل يظفر الأمير عبد الله بملك فلسطين؟). واليوم ننقل عنها كلمة عن الثائر العربي فوزي القاوقجي حتى تكون لدى القارئ فكرة وافية عن هؤلاء الرجال الذين يتطلع إليهم العالم كلما ذكرت المشكلة العربية:
ليس في فلسطين من يجهل اسم فوزي القاوقجي. فهذا الرجل الذي تروى عنه القصص والأخبار العجيبة يعرفه كل عربي وكل يهودي، بل وكل بريطاني يمشي على أرض فلسطين، بأنه ذلك البطل الوطني والثائر العربي الذي يخشى بأسه في تلك البلاد
وتدل الأخبار المستقاة من قسم المخابرات البريطانية على أن فوزي القاوقجي يقود جيشاً يتراوح عدده من ثلاثة إلى أربعة آلاف رجل. وهذا الجيش يهدد مواصلات الصحارى والجبال في فلسطين، ويقطع الطريق على من تحدثه نفسه بعبورها
ويعد أتباع هذا القائد من أشجع الرجال وأصبرهم على تحمل المشقات، وهم يستميتون في مقاومة عدوهم اللدود ما دام القاوقجي يشعل في نفوسهم نيران الحقد، ويتجنب كل موقعة مع القوى البريطانية من شأنها أن تؤدي إلى هزيمة
وقد استولت على نفسه عقيدة بأن القوة التي يقودها في فلسطين سيكون لها أثر في يوم من الأيام في رفع شأن الأمة المحمدية، أو إحياء مجد العرب، لذلك لا تطاوعه نفسه على استباق الحوادث والمخاطر بالظروف التي هي في انتظاره يوماً من الأيام.
ويعد القاوقجي مسئولاً عن إثارة حرب العصابات في فلسطين فيتسلل هؤلاء البدو الذين يقودهم في ظلام الليل إلى المدن، ويختفون كالأشباح عند ظهور الفجر تاركين ورائهم