فانطلق يلهو منهمكاً في مشاغل شعبه، ومطالعات آيات العباقرة المؤلفين، ثم آثار الكتاب التافهة الهزيلة. وما أجدى ذلك ولا عاد عليه بطائل.
حينذاك أحضر أحكم من في الكون، فأجاب أن لديه وسيلة لشفاء الملك وتنفيس كربه! ذلك أن يأتيه بزهرة سماوية نبتت في غابة من مملكته. وطفق يعرض أوصافها، ويسرد خصائصها. وعرف الغرس الذي أثار حب الاطلاع منذ هنيهة.
وقال الراعي في نفسه:(لقد اقتلعته وايم الحق منذ أمد بعيد، ولم يبق منه هشيم. وإلى هذا يقود الجهل)
وخجل الراعي من نفسه واحترس من أن يميط اللثام عما صنعت يداه. واختفى الغرس، ولم يبق منه غير ورقة ترف على رأس الفتاة الراقدة في قبرها، ولكن أحداً لا يعلم بذلك.
وجاء الملك بنفسه إلى الغابة ليتحقق من زوال الغرس. وقال:(هنا إذن قد ترعرع الغرس، فسيقدس المكان منذ الآن)
وأحاط المكان بسياج من الذهب، ووضع حراساً عليه. وكتب أستاذ علم النبات النابه عن صفات الغرس الإلهي بحثاً مطولاً بين فيه كل ما فقد بفقده. وغمر المليك بالذهب كل صفحة من صفحات المؤلف. ولكن المليك ما يزال محزون القلب ولم يجد لشجنه دواء، والحراس المساكين كان يلوي الألم بأفئدتهم في الغابة. . .