حددت هيئة اليونسكو موضوع البحث في مسألة الخلق القومي وعلاقته بتوتر العلاقات الدولية على أساس فحواه أن (هناك أوجه تباين جوهري في المقومات الخلقية والعاطفية في الثقافات المختلفة، الأمر الذي لا يزيله مجرد تنسيق التعامل الاقتصادي والتعاهد والتحالف السياسي). فزوال هذا التباين لا يتم إلا بإعادة النظر في كثير من العوامل التربوية والثقافية التي تعيش عليها الشعوب، وتوجيهها بحيث تتلقى على صعيد واحد مع العوامل التي تعيش عليها الشعوب الأخرى، وبحيث يصبح لدى العالم بأسره قاسم مشترك أعظم متين الأصول صادق النية صلب متماسك (لأن جذوره في صميم التكوين النفساني لبني آدم) وهو لذلك قادر على صهر هذه الانفعالات العاطفية التي تثور في نفس شعب ما في حالة من حالات القضية ضد شعب أو شعوب اختلف معها في بعض أوجه الحياة السياسية أو الاقتصادية.
وأول ما يلاحظ المتابع للدراسات التي عنيت بالخلق القومي وتباينه بين الشعوب أن كثيراً من أهل الخبرة يقولون بأن من الممكن التخفيف - من حدة هذا التباين بين الشعوب التي يختلف خلقها القومي عن أخلاق الشعوب الأخرى - من الممكن التخفيف من حدة هذا التباين عن طريق برنامج واسع ينفذ على مستوى عالي ويستهدف تعريف شعوب العالم تعريفاً علمياً صادقاً على طبائع الشعور الأخرى؛ وعلى المؤثرات والعوامل المحلية البحتة التي تعيش عليها تلك الشعوب. وهذه الوسيلة كما ترى تستند إلى مبدأ أولي في علم النفس.
(والتعريف) وسيلة تختلف اختلافاً أساسياً عن (الدعاية) أو (البروبوغاندة)
فالأولى - تؤمن بان المرء عدو لما يجهل، فإذا استطاع التعرف على حقيقة ما يجهله إزاء عداوة حادة لا لذلك العدو (المزعوم) وإنما للجهل الذي كان سبباً للعداوة.
أما الثانية (البروبوغاندة) فهمها الترويج لفكرة معينة كجزء من سياسة مرسومة هدفها إزالة غشاوة الجهل الذي يعمي شعباً ما من حقيقة مقاصد شعب آخر. ولكن إزالة هذه الغشاوة بواسطة البروبوغاندة تكون في أغلب الحالات بطرح غشاوة أخرى على أعين الناس لتعميهم عن حقائق ومقاصد تهتم (البروبوغاندة) بطمس معالمها تعمداً واقتداراً.