للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٤ - الأحلام]

للفيلسوف الفرنسي هنري برجسون

بقلم الأستاذ ألبير نادر

أين الفرق بين الإدراك والحلم؟

ما هو النوم؟ إني لا أتساءل طبعاً ما هي الشروط الجسمية للنوم - هذا أمر يبت فيه الأطباء ولم يفصل فيه بعد. أتساءل كيف يجب أن نتصور الحالة النفسية لرجل نائم لأن النفس تستمر في العمل أثناء النوم. فالنفس - كما سبق أن ذكرنا - نائمة كانت أو يقظة، تربط الاحساسات بالذكريات التي تدعوها - وآلية العمليتين تبدو واحدة في الحالتين: حالة اليقظة وحالة النوم - ولكن يوجد الإدراك الطبيعي من جهة والحلم من جهة أخرى - فآلية العملية لا تقوم بنفس العمل في الحالتين، فأين الفرق إذاً؟ ما هي الميزة النفسية للنوم؟

دعونا، لا نثق كثيراً بالنظريات. يقولون إن النوم عبارة عن انفراد عن العالم الخارجي، ولكننا بينا أن النوم لا يمنع الحواس تماماً من التأثيرات الخارجية، لكنه يستمد منها مادة الكثير من الأحلام. ثم بينا أن وظائف العقل السامية أثناء النوم تستريح ويتسبب عن ذلك توقف في التعقل. لا أظن أن الأمر كذلك. إننا أثناء الحلم نصبح غير مكترثين بقوانين المنطق؛ ولكننا لا نكون عاجزين عن كل منطق، وأكثر من ذلك، وهنا أخشى أن أدهشكم، أن ذنب النائم هو أنه يعقل أكثر من اللازم. والنائم يتجنب المحال إذا كان مجرد مشاهد لاستعراض رؤياه - ولكنه عندما يريد، بقدر المستطاع أن يعبر عنها، يكون منطقه المخصص لربط الصور المبعثرة بعضها ببعض غير قادر إلا على تقليد منطق العقل، ويتلمس حينئذ المحال. نعم إن وظائف العقل السامية تنحل أثناء النوم؛ وإن ملكة التعقل تلهو أحياناً بتقليد التعقل الطبيعي ولو لم تشجعها على ذلك الصور المتماسكة. ويمكننا أن نعمم هذا القول فيما يخص الملكات الأخرى. إننا لا نعلل الحلم بانعدام التعقل ولا بإغلاق الحواس ولنترك جانب النظريات ونتصل مباشرة بالواقع

يجب أن نقوم باختبار حاسم في أنفسنا. عندما نخرج من الحلم سنراقب انتقالنا من حالة النوم إلى حالة اليقظة، إذ أننا لا نستطيع أن نحلل حالتنا أثناء الحلم نفسه. ولنتتبع هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>