نشر الأستاذ عادل الغضبان في المجلة التي يتولى رئاسة تحريرها، مقطوعة رمزية من قلم الدكتور بشر فارس.
ليس إبراد الخير على هذا الوضع بالأمر الغريب، وإنما الغرابة في أن الأستاذ عادل لا يؤمن بالشعر الرمزي، وله فيه رأي لا يرضي الرمزيين ولا مطاياهم. وهو برغم هذا يفتح صدر مجلته لمقطوعة الدكتور بشر فارس، ويعلق عليها، ويدع الأستاذ إبراهيم الأبياري يدافع به عن المذهب الرمزي.
هنا وجه الغرابة، بل هنا مجال الشك والتساؤل.
كان من المنتظر - لولا هذا الوضع المستغرب - أن تسلك المقطوعة الرمزية الجديدة السبيل الذي سلكته أخواتها من قبل، لتصل إلى ذات القبر الذي دفن فيه، أما الأثر المفروض حدوثه وهي طريقها بين المهد واللحد، فهو معروف عند جميع الأدباء، فكاهة تفسح مجالا للتندر والسخرية. إشفاق على جهود تهدر في الالتواء والمرض، وعياذ من انتقال وباء الرمزية إلى أدبنا، أو هروب الشاعر إلى بلاد الله الواسعة، يلعن أدباء مصر في الشام، ويسفه أدب الشام في العراق، ويوقع في لبنان بين المسحيين والمسلمين، ويزدري الشرقيين في بلاد الغربيين.
كان هذا المرتقب وقوعه بالقياس على الوقائع الماضية، ولكن لباقة الأستاذ عادل الغضبان نحت هذه الظنون، ونأت بهذه الاستنتاجات بعيداً، بموقفة من الدكتور بشر فارس إذ يقول له: سواء كانت هذه المقطوعة من عالم الشعر أم من عالم النثر فليس هذا موضوع الخلاف، وإنما هو فيما تضمنته من رموز خشينا معها أن تند عن عمود الشعر العربي) ويستطرد وهو الرزين المتمكن:(إن الشعر، معنى وشعور وموسيقى، يتعاون اللفظ والأسلوب والوزن والقافية على إخراج ذلك المثلث، فمن شاء من الشعراء فصل لها من النصوع والوضوح، ومن شاء ألقى على هيكلها وشاحاً رقيقاً من الإبهام، ومن شاء رمز وكنى) وبعد أن ضرب الأمثال وأنهض الأدلة قال: (إن هذه المقطوعة لا تنحدر إلى القلب إلا بعد تمنع، ومتى انحدرت إليه ملأته بالعبرة والإعجاب (؟!!) ولعلها لا تثير فيه هزة