كلام مقبول موزون لا مرية فيه، ولكن أنى لداعية الرمزية المنادى بنفسه إماماً لها ورسولا أن ينصت إلى معلمه، وقد كان تلميذا له فيما غير من الأعوام؟ أنى للتلميذ الذي سبق معلمه بمراحل أن يقبل ماهو مقرر من قواعد الشعر وهي معروفة ثابتة من مئات السنين؟ لذلك يقف الدكتور بشر فارس وهو يبتسم ابتسامة المشفق على معلمه المتخلف عن ركب الحياة ويقول له (إن تعريفك للشعر إنما هو التعريف المتقادم الضيق، المحصور في الشكل وحده، وأن العمود الشعري الذي أكبرتموه وقدستموه فإني مستطيع إبعادكم عنه) ولم يكتف بما قال بل راح يدل كعادته، على ما قال وكتب ونشر في الصحف السيارة ويهدي إلى فهارس وأسانيد نثبت خطل تعريف الشعر العربي القديم، ويدعى أن تعرفه الحديث (هو إبراز المضمر، واستنباط ما وراء الحس من المحسوس، وتدوين اللوامع والبدائه)
ضحكت منه ذا التعريف المصري، والضحك مفتاح الغضب، ولكني تمهلت ريثما اطلع قراء (الرسالة) على (المقطوعة) مثار الموضوع، لعلي أنا الذي عيبت عن فهم الرمزية؛ وعنوانها (إلى زائرة) تلك التي وقف منها الأستاذ الزيات في كتابة (دفاع عن البلاغة) موقفاً سأعود إليه. أقول تمهلت لعلي أدرك المغلق من الرموز، وأحل عقد الطلاسم والأحاجي. وإلى القارئ المقطوعة (البشريه) أوالقصيدة (الفارسية) وعنوانها (الشاطئ الحافل).
(أنا السيد الأعلى للشاطئ الحافل، إليه من مواغل الأرض تقبل الضمائر ذوات الرغبات الخساس، عاجزات، حيارى، فتموت.
(في اللجة يمتد سلطاني. فراشي رجراج بالمآسي، فيه يقترن الفكر بالغوص. ولا مناص لأحدهما عن الآخر، هنا الحياة.
(حياة وعبث رشيق بالموت الحقير، شاعر أزلي ذو أنامل ماهرة، يبغي التلهمي عن غصة الزخارة، فيلعب لعب المشعوذ بأوعية ذهب، ترقد فيها إلى غير إفاقة، ضمائر لا عظمة عندها.
(يا للعلم باللانهاية! سير لأقصى اللطف الشارد) في زرقة الفضاء، ذات الحدقات الصوافي، تنور الشاطئ الحافل برفات الرغبات) ماتت في ركن موقوف للقوافي الخوالد، قواف نسل