للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المكتبة العربية في عصر الحروب الصليبية]

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

- ٤ -

وكان النحو مادة أساسية من مواد الثقافة في هذا العصر ويكاد يشترك كل المثقفين في أن يأخذوا منها بنصيب، وندر من لم يشارك فيها، وكأنما يعدونها أداة أساسية لدراسة العلوم الشرعية

وأهم ما كان يدرس بالبلاد يومئذ كتاب المصل للزمخشري، وقد نال من عناية العلماء في ذلك العصر ما لم ينله كتاب آخر؛ فظفر بشروح كثيرة منها شرح ابن الحاجب وشرح ابن يعيش وساهمت البلاد مساهمة فعالة في الإنتاج، وغزت كتبها العالم العربي بدورها حتى صارت تلك الكتب أهم ما يدرس في تلك المادة. وحسبي أن أشير هنا إلى كتب ابن مالك وعلى رأسها ألفيته، وكتب ابن الحاجب ومن أهمها كافيته، كما وضع ابن معطي ألفية. وقد عرفت من بين ما أنتجته هذه البلاد أكثر من أربعين كتابا منها المطول ومنها الموجز، وعرفت من الرجال الذين ساهموا مساهمة كبيرة في دراسة هذه المادة زهاء مئتي عالم كان أكثر تخصصهم فيها

أما في اللغة عرفت البلاد في ذلك العصر أمهات كتبها؛ فدرسها رجالها واختصروها حينا ووضعوا عليها الحواشي التي تتعقب ما وقع فيها من الوهم، كما اشتركت البلاد في الإنتاج اللغوي، وكان أكبر ما تمخض عنه جهودها ذلك الكتاب العظيم لسان العرب لابن مكرم المصري وقد تم تأليفه سنة ٦٨٩ وجمع فيه مؤلفه بين التهذيب والمحكم والصحاح وحواشيه والجمهرة والنهاية ورتبه ترتيب الصحاح

ووضع العلماء في ذلك الحين كتبا لا تصل إلى مستوى الكتاب، وتناولوا بعض نواحي فقه اللغة فكتبوا في الاشتقاق والاشتراك والتصحيف وغيرها. واشتهر من علماء اللغة يومئذ طائفة كبيرة، منهم تاج الدين الكندي وعبد الله بن زي وابن مكرم المصري

وفي علوم البلاغة درست مصر والشام ما عرفته اللغة العربية من الكتب التي ألفت من قبل سواء في ذلك ما وضع في تلك العلوم بخاصة، أو تناولها وإن لم يخصص لها، وتستطيع أن ترجع إلى كتاب بدائع القرآن لابن أبي الإصبع لترى ما عرف يومئذ من

<<  <  ج:
ص:  >  >>