للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مسابقة الأدب العربي]

القيادة الفكرية بين الفلاسفة والأنبياء

للدكتور زكي مبارك

تاريخ لطيف!

في السبت الأول من نوفمبر سنة ١٩١٩ وقف ثروت باشا رحمه الله بقاعة المحاضرات في الجامعة المصرية وألقى كلمة طيبة قدم بها الدكتور طه حسين إلى الجمهور، وقد قال في تلك الكلمة إنه يود لو كان سعد باشا حاضراً ليقدم الدكتور طه على نحو ما صنع في العام الماضي وهو يقدم الدكتور أحمد ضيف (وكان سعد باشا يوم ذاك منفيا بأمر السلطة العسكرية)

ثم وقف الدكتور طه ليلقي محاضرته الأولى فشكر أعضاء مجلس الجامعة، ومن كان منهم في مصر ومن كان منهم خلف البحر (وهو بهذا يشير إلى سعد باشا زغلول ومحمد باشا محمود) واندفع بعد ذلك في محاضرته فحدثنا أنه عزم على إحياء التراث اليوناني، لأنه يؤمن إيماناً جازماً بأن مرجع الفكر في الشرق والغرب إلى القدماء من مفكري اليونان

وما كاد الدكتور طه يفرغ من محاضرته حتى نهض أحد طلبة الجامعة واسمه زكي مبارك فرد على الدكتور طه ردا خطابيا أثار إعجاب الجمهور، فوقف الدكتور طه ورد على الطالب ردا ظفر بشيء من القبول

وبدا للأستاذ محمود عزمي أن يؤرخ وقع المحاضرة الأولى للدكتور طه بكلمة ضافية في جريدة الاستقلال، ولم يفته أن يوجه عبارة نابية إلى الطالب الذي ثار حين رأى من يقول بأن مرجع الفكر كله إلى مفكري اليونان

وفي المحاضرة التالية رأى الدكتور طه أن يبدأ بكلمة في التعقيب على مقال الأستاذ محمود عزمي، ليبين خطأ الطالب الذي ثار عليه، فنهض زكي مبارك وقال: لا تتعالوا علينا، ففي مقدورنا أن نساجلكم بالحجج والبراهين

وفي تلك اللحظة مال إسماعيل بك رأفت على أذن الدكتور طه فأسر إليه كلمات، فأنصرف الدكتور طه عن التعقيب، ومضى في المحاضرة الأساسية و (ليس) في نفسه أشياء

<<  <  ج:
ص:  >  >>