استأذنت المعتكفين وخرجت كارهاً أود أن يطول لبثي في هذه المشاهد على طول ما لبثت فيها. خرجت وأنا أجيل الطرف فيما حولي لأثبت ذكراه في نفسي وأود أن أسير سريعاً في ظلمات الليل فأطوف مرة أخرى بهذه الساحة الفسيحة التي أمضيت فيها معظم النهار وشطرا من الليل
ذهبت إلى التكية البخارية فلبثت ساعة في ضيافة شيخها الشيخ يعقوب البخاري، وما هذه التكايا والمساكن النظيفة الطاهرة المجملة والمزينة بالأوراق والإغلاق إلا مساجد صغيرة. فقد عددت هذه الساعة من ساعات المسجد الأقصى أيضاً
ومضت بنا السيارة إلى رام الله حيث الفندق الذي أنزل فيه، ولا تزال هذه المشاهد في عيني. وملئ فكري، تاريخ من المجد، وعصور من الخطوب، وصفحات من الغير، وملء قلبي آمال وآلام. ذكر ناظرة يتخللها الألم كما تقدح النار من الشجر الأخضر - رجعت إلى مأواي وقد طويت العصور في تلك الساعات، والأحداث العظيمة في تلك الآثار، ثم طويت تلك الساعات القليلة وتلك الآثار الجليلة في فكري وقلبي.