للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العلوم]

أسرع كمرة في العالم

صورة تؤخذ في جزء من ٤٠٠٠٠ من الثانية

إذا أردت أن تصور جسما ثابتا، كتمثال من الحجر، كفاك في ذلك أن تثبت أمامه كمرة غاية في البساطة، تتكون من خزانة مظلمة، بسطحها القريب من التمثال عدسة تركز الأشعة المنبعثة منه على فلم حساس في السطح المقابل من الخزانة، فترتسم عليه الصورة المرغوبة. ثم يستخرج الفلم في الظلام ويثبت بالطرق المعروفة. ومن أهم الأمور التي يراعيها المصور مدة التجلية أي مدة تعريض الفلم للضوء، وهي تتوقف على أمرين: أولهما درجة إحساس الفلم، وثانيهما شدة الضوء الذي ينير التمثال. وفي المثل الذي نحن بصدده يكفي أن يغطي المصور عدسة هذه الكمرة البسيطة بورقة مقواة سوداء، فإذا حان وقت التصوير جلى عن الفلم مدة ثانية أو ثانيتين أو ثلاث أو أربع حسب ضوء الشمس الحاضر، وذلك بإزاحة الغطاء ثم رده سريعاً إلى مكانه.

هب بعد ذلك أنك تريد تصوير رجل من لحم ودم، وهب أنك وقفته مكان التمثال وجليت عن الفلم ثلاث ثوان أو أربع، فهل تدري ما الصورة التي تخرج لك؟ صورة مغبشة على الأغلب لأن الإنسان ليس له سكون الحجر، فهو لا يستطيع صبراً على الوضع الواحد، فيتحرك فيتخذ أوضاعا كلها ترتسم على الفلم فتخرج الصورة مبهمة الحدود متضاعفة الخطوط مختلط بياضها بسوادها. فتجد نفسك عندئذ في حاجة إلى تقصير مدة التجلية حتى لا يتحرك الرجل، ومعنى هذا أنك بحاجة إلى زيادة حساسية الفلم، ومعنى هذا أيضاً أنك بحاجة إلى زيادة شدة الضوء، فبدل أن تصور في نور الصباح الأول أو في نور المساء الأخير، تصور والصباح ضاح مشرق، وعندئذ تكفيك بعض الثانية عن الثواني الكثيرة.

هب بعد هذا أنك تريد أن تصور رجلا وهو يسير، أو حيوانا كقطة أو كلب لا تستطيع أنت أن تريده على السكون، أو هب أنك تريد أن تصور حصانا وهو يجري، أو طائرا إذ يطير، أو قطارا ينهب الأرض، فقد لا تنفعك تجلية الفلم ثانية أو عشر الثانية، فالقطار الذي يسير بسرعة ٦٠ كيلومتراً في الساعة يقطع في الثانية الواحدة نحو من ١٧ مترا. فانظر كم صورة تنطبع عندئذ على الفلم في الثانية الواحدة، وتخيل مقدار تغبش الصورة

<<  <  ج:
ص:  >  >>